وأما قصة حماد مع الطرماح بن حكيم، فقد تكون صادقة، وقد تكون كاذبة. فنحن لا نملك تصديقها أو تكذيبها. ولكننا نضع بين يدي القارئ ما يقوله الجاحظ (البيان والتبيين، ج١ ص٥٤) في الطرماح بن حكيم: (ولم ير الناس أعجب حالا من الكميت عدنانياً عصبياً، وكان الطرماح قحطانياً عصبياً. . . وكان الكميت يتعصب لأهل الكوفة، وكان الطرماح لأهل الشام. . .). ومعنى ما يقوله الجاحظ أن الطرماح كان يتعصب على أهل الكوفة وكان حماد كوفيّاً.
وأما قصة حماد مع بلال بن أبي بُردة وذي الرمّة فلا تنصّ على أن حماداً ادعى الشعر لنفسه، وهو الشعر الذي مدح به بلال بل إنها تذكر أن حماداً نسبه إلى بعض شعراء الجاهلية. وهو شعر لا يرويه غير حماد، وكان يستطيع نسبته إلى نفسه لو أراد. وليس بغريب أن يمدح حماد بلال بن أبي بردة بشعر لم يقله
وأما قصة حماد مع بلال بن أبي بُرْدة حين أنشده قصيدة الحطيئة، فقد لا تدل على انتحال حماد. ويؤيد هذا ما يقوله صاحب الأغاني معقباً على هذه القصة (ج ٢ ص٥١): (وذكر المدائني أن الحطيئة قال هذه القصيدة في أبي موسى وأنها صحيحة، قالها فيه وقد جمع جيشاً للغزو. . فوصله أبو موسى، فكتب إليه عمر رضي الله عنه يلومه على ذلك، فكتب إليه: إني اشتريت عرضي منه بها، فكتب إليه عمر: إن كان هذا هكذا وإنما فديت عرضك من لسانه ولم تعطه للمدح والفخر، فقد أحسنت). ونجد كلاماً قريباً من هذا في الأغاني أيضاً (ج ١١ص ٢٩). هذا إلى أنه لا يصح من مثل بلال بن أبي بردة ما تنسبه إليه القصة من أنه قال: ولكن دعها تذهب في الناس؛ فهو حفيد أبي موسى الأشعري، وهو قاض وأمير. يقول الجاحظ في البيان والتبيين (ج١ ص٢٣٨): (وولى منبر البصرة أربعة