للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من معجزات القران]

تفسير الآيات الأولى من سورة الروم

للدكتور عبد الوهاب عزام بك

عميد كلية الآداب

(تتمة ما نشر في العدد الماضي)

لم ينزل القران للأخبار بانتصار الروم فقط، بل للأخبار بأن المر كله لله وإنه سينصر المسلمين على ضعفهم وقلتهم في بضع سنين كما ينصر الروم. فتبشير المؤمنين بنصر الله لم يأت في الآية تبعا كما يوحي كلام المفسرين بل كان الأخبار بانتصار الروم تمهيدا للتبشير بنصر الله المؤمنين. والأخبار بغلبة الروم وحده فيه معجزة واضحة، وبيان لصدق النبوة ولكنه مع هذا لم يكن القصد الأول من نزول الآية الكريمة.

وينبغي إن نذكر هنا إنه حينما تمت الغلبة للروم وذهب هرقل إلى بيت المقدس في أعقاب ظفر توالى من القسطنطينية إلى بيت المقدس في ذلك الحين ذهب جيش إسلامي صغير إلى البلقاء - التي تسمى اليوم شرق الأردن - فحارب جيشا من الروم والعرب، وتلكم الوقعة المعروفة في التاريخ الإسلامي باسم غزوة مؤته. وقعت في السنة الثامنة من الهجرة، وهذه الغزوة التي يبال بها هرقل ولعله لم يسمع بها كانت فاتحة الغزوات الإسلامية التي نزعت الشام من سلطان هرقل وجعلته يقول وقد يئس من الشام: سلام يا سورية سلاما لا لقاء بعده. ولم يكن بين تمام الظفر لهرقل وبين تمام الهزيمة عليه في الشام وتسلط المسلمين عليها إلا بضع سنين، فبين غزوة مؤته وبين واقعة اليرموك ست سنوات من السنة الثامنة من الهجرة إلى السنة الرابعة العشرة.

لله الأمر من قبل غلبة الفرس على الروم ومن بعدها بل له الأمر قبل كل شيء وبعده لا شريك له في سلطانه. وبأمر غلب، الفرس على الروم عشرين عاما ولاء، ثم أديل للروم في بضع سنين ثم أديل للمسلمين على الروم في بضع سنين أخرى.

عل إن الله الذي له الأمر قد وضع للبشر سننا للنصر والهزيمة من سار على سنن النصر انتصر ومن أخذ بسنن الهزيمة هزم. ليس الأمر متروكا للفوضى أو الاتفاق.

<<  <  ج:
ص:  >  >>