للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ويومئذ يفرح المؤمنون - إلى - لا يعلمون.

في هذه الآية أخبار بأن المؤمنين سيفرحون بنصر الله حينما يغلب الروم الفرس. فهل نصر الله الذي يفرح به المؤمنون هو انتصار الروم. هذا بعيد، وما للمؤمنين يفرحون بانتصار الروم وهم عدو لهم كسائر أمم الأرض التي كرهت هذا النور الجديد حفاظا على تراثها من أديان وأباطيل، ثم في الآية: وعد الله لا يخلف الله وعده. فهل هو وعد الله المسلمين أن ينتصر الروم. لا. بعيد كل البعد أن يقال إن المسلمين يفرحون بانتصار الروم وقد الله المسلمين، انتصار الروم، إنما الوعد لمن يعود إليه الخير من الواعد، ولم يكن للمسلمين في انتصار الروم خير.

بين جدا أن الآية تبشر المؤمنين بنصر قد وعدوه، وأنهم سيفرحون بهذا النصر في السنة أو السنين التي يغلب فيها الروم فما هذا النصر؟

رجحت من قبل أن هزيمة الروم التي اهتم بها العرب فنزلت هذه الآيات وقعت حوالي سنة ٦١٥، فالنصر الذي يفرح به المسلمون حين يغلب الروم في بضع سنين من هذه الهزيمة، هو انتصارهم يوم بدر، وكانت وقعة بدر في السنة الثانية في الهجرة أي سنة ٦٢٤ من الميلاد وبين ٦١٥، ٦٢٤ بضع سنين.

وقد روى أن خبر انتصار الروم بلغ المسلمين وهم في غزوة الحديبية، وكانت الغزوة سنة ست من الهجرة، وهذه الرواية مردودة بدليلين:

الأول أن بين الحديبية وبين هزيمة الروم في الشام أكثر من اثني عشر عاما ولا يقال لهذه المدة بضع سنين.

والثاني أن الحديبية لم تكن نصرا فرح به المسلمون بل كانت صلحا رأى فيه الرسول الله صلوات الله عليه وسلامه خيرا للإسلام وكانت عاقبته خيرا، ولكن المسلمين حزنوا له حيثما وقع ورأوا فيه ذلا لهم إذ رجعوا عن مكة وقد خرجوا لدخولها والاعتمار بها.

على أن انتصار المسلمين، وظهور الإسلام قد بدأ بالهجرة وتوالى انتشار الإسلام، وانتصار المسلمين في الوقائع من بعد. فجائز ألا نخص النصر الذي يفرح به المسلمون بوقعة واحدة أو حادثة معينة، بل نقول قد وافق انتصار الروم أول عهد ظفر فيه المسلمون وعز دينهم وأول انتصار للروم وقع سنة الهجرة سنة ٦٢٢ م كما أسلفت.

<<  <  ج:
ص:  >  >>