كان الأستاذ الدكتور عبد الوهاب عزام شرع في الرد على الأستاذ أحمد أمين، فقلت في نفسي: يحسن ترك المسائل التي نقدها الدكتور عزام حتى لا يكون في هذه المقالات حديث معاد. وهل كان الغرض من هذه المقالات إيذاء الأستاذ أحمد أمين بالذات حتى نعيد القول فيما نقده الدكتور عزام؟ إن الغرض هو التنبيه على أغلاط الأستاذ أحمد أمين حتى لا يفتن بها من يثقون بكفايته العلمية من طلبة الآداب في مختلف المعاهد العالية، وقد حمل الدكتور عزام بعض تلك الأعباء
كذلك حدثت نفسي حين قرأت ما كتب الدكتور عبد الوهاب عزام في كشف أغلاط الأستاذ أحمد أمين
ولكني رجعت عن هذه النية فيما بعد حن رأيت أن لي مسالك في النقد تغاير مسالك الدكتور عزام وتجعل القراء في أمان من ضجر الحديث المعاد
زعم الأستاذ أحمد أمين أن علماء العرب (رفعوا من قيمة كل شيء جاهلي وغلوا في تقديره: فالماء الحقير في مستنقع جاهلي خير من دجلة والفرات والنيل وكل أنهار الدنيا، والجرادتان اللتان غنتا للنعمان كان صوتهما وغناؤهما خيراً من كل صوت وكل غناء، ودوسر كتيبة النعمان بن المنذر أقوى جيش عرفه التاريخ، وأيام العرب في الجاهلية ووقائعها الحربية لا يعادلها أي يوم من أيام المسلمين، وجبلا طيئ خير جبال الدنيا، وحاتم الطائي لا يساوي كرمه كرم. حتى الرذائل لا يصح أن يساوي برذيلتهم رذيلة، فليس أبخل من مادر، ولا أشأم من البسوس، ولا أسرف من شظاظ)
أتدرون ما الذي قال الدكتور عزام في نقد هذا الكلام الأجوف؟
قال إنه يقوم على أساس المبالغة والإغراق
وهذا نقد جارح: لأن اتهام أستاذ من أساتذة الجامعة بالمبالغة والإغراق له عواقب سود. وما الذي يبقى لأساتذة الجامعات إذا حرموا مزية التحديد في شرح المقاصد والأغراض؟
وهناك كلمة طواها الدكتور عزام وهي كلمة (الافتراء)، فقد افترى أحمد أمين على علماء