العرب حين زعم أنهم لا يرون أن أي يوم من أيام المسلمين يعادل أي يوم من أيام الجاهلية، ونحن نتحداه أن يثبت انه رأى شواهد هذا الرأي في أي مكان من كتب الأدب أو التاريخ. نتحداه، نتحداه، فلينطق إن كان من كلامه على يقين
وهل شغل المؤلفون بتدوين أخبار الحروب في الجاهلية كما شغلوا بتدوين أخبار الغزوات والفتوحات؟
وما هو النص الذي يشهد بأن الماء الحقير في مستنقع جاهلي كان عندهم خيراً من دجلة والفرات والنيل وسائر أنهار الدنيا؟ وما هي العبارة التي تنص على أن جبلي طي كانا عندهم خير جبال الأرض؟
وإذا كانت الجرادتان اللتان غنتا للنعمان كان صوتهما وغناؤهما خيراً من كل صوت وكل غناء فكيف استجار أدباء العرب أن يشغلوا أنفسهم بتقييد أخبار الأغاني والمغنين في عصر بني أمية وعهد بني العباس؟
إن أحمد أمين قد يستطيع النهوض من كبواته الكثيرة، ولكنه لن ينهض أبداً من هذه الكبوة. وستظل شاهداً على أنه يكيل الأدب والذوق بمكيال، مع أنه بحكم منصبه مسئول عن إدراك دقائق الفروق بين الألفاظ والمعاني
أترونني أقف عند الحد الذي اكتفى به الدكتور عزام حين قال: إن كلام الأستاذ أحمد أمين في هذه النقطة يقوم على أساس المبالغة والإغراق؟
هيهات، هيهات!!
سأقول إن كلام أحمد أمين صدق في صدق، وسأرجوه أن يتحمل الصدمة برباطة جأش
أفي الحق أن العرب يرون الماء الحقير في مستنقع جاهلي خيراً من دجلة والفرات والنيل؟
وهو كذلك. . .
ولكن ما رأيك إذا صارحتك بأن كلامك هذا هو الحجة عليك. . .؟
ألم تقل بأن العرب لم يحسوا الطبيعة في بلادهم؟
فكيف يصح هذا وكان الرجل منهم يتعلق بما يراه إلى الحد الذي عبته أنت على أولئك الرجال
المسألة تحتمل وجهين: الوجه الأول أن يكون العرب في كلامك هم أهل الجاهلية، والثاني