كانت كلمة الدرام تطلق على جميع الأنواع التمثيلية، حتى خصصها المحدثون بنوع جديد عرفه قاموس المجمع العلمي الفرنسي بأنه (قطعة مسرحية نثرية أو نظمية تخلط المأساة بالملهاة، وتبرز الموضوع الجدي في المعرض الفكه، وتقبل كل نمط من الأشخاص والأخلاق واللهجات). وتكميلاً لهذا التعريف نضيف إليه كلمة قالها (هجل) وهي: (إنها نوع وسط غير مستقر، يعني بدقائق الحياة الداخلية ومشاكلها، وصور الحياة الخارجية ومناظرتها، وتتميز من المأساة الاتباعية البسيطة الساذجة بكثرة أشخاصها، وغرابة حوادثها، وتعدد مفاجآتها، وتعقيد العمل فيها إلى حد الارتباك والغموض). أما أرباب المذهب الابتداعي ومن قبلهم شكسبير فلم يكتفوا بتأليفها وتمثيلها، وإنما وضعوا لها القواعد وشرعوا لها المناهج، وقالوا إن الدرامة صورة صادقة مؤثرة للحقيقة بل هي الحياة نفسها: هي الهوى يعمل ويتكلم ويحكم ويفكر بصوت جهير أمام الجمهور السامع
إن المأساة لم ترد أن تتنزل عن أفق الأبطال والسراة والملوك، والملهاة قصرت نفسها على وصف عيوب الأوساط، أما الدرامة فهي أتم واعم واصح، لم تفضل فريقاً على فريق، ولم تؤثر طبقة على طبقة، فهي تسوى بين الملوك والسوقة، وتمزج البسمات بالعبرات، وتستمد التاريخ والقصص والحكايات والخرافات، لا تستثنى شيئاً ولا تحتقر شخصاً، ولا تحصر نفسها في ضيق القواعد والتقاليد، فموضوعها الإنسانية بأسرها. أما اليوم فقد اختلفت على هذا النوع الأسماء والتعاريف لتشعب مناحيه، وتعدد مذاهبه، واتساع مجاله، واختلاف أطواره. فكان يسمى أولاً: الرواية الجدية الهزلية - ثم المأساة الحضرية ثم المأساة الشعبية ثم الملهاة الجدية وهم يطلقون عليها الآن اسم الدرامة الحديثة، أو الدرامة فقط. ولا نجد ابلغ في الكشف عن حقيقة الدرامة مما كتبه عنها زعيمها وابن