بجدتها فكتور هوجو في مقدمة (كرومويل) نستعين بتلخيصه لك على شرح هذا النوع الطريف الذي يعدونه الآن افضل الأنواع واكمل الأشكال للتمثيل فوق المسرح الحديث؛ لأنه باختياره الأشخاص من كل الطبقات، وتفضيله التأثير في الحواس على تحليل الشهوات كان اكثر أنواع المأساة ملاءمة للذوق الديمقراطي الغالب اليوم. قال هوجو ما محصله: النظارة أصناف ثلاثة: النساء والخاصة والعامة؛ فالعامة يطلبون من الرواية العمل أو الحادث، والخاصة يطلبون منها الخلق أو الدرس، والنساء يطلبن منها الشهوة والهوى. لأن العوام يبتغون من المسرح التهيج، والخواص يبتغون منه التفكر، والنساء يبتغين منه التأثر؛ وغرض هؤلاء جميعاً اللذة: فالعامة تريد لذة النظر، والخاصة تريد لذة العقل والمرأة تريد لذة القلب. ولكل منهم الحق فيما يبتغي ويريد ومن ثم كانت روايات هوجو ثلاثة أنواع مختلفة: أحدها عامي سوقي، والآخران شريفان رفيعان، وفي ثلاثتها حاجة المسرح وكفاية الناس. فللعوام المأساة العامية (الميلودرام) التي تصف لهم الفظائع، وللخواص الملهاة التي تصور لهم الأخلاق، وللنساء المأساة التي تحلل لهن الأهواء. وربما تدخل بعض هذه الأنواع في بعض، فقد يوجد في السوقة من يتذوق الجمال ويتطلب الكمال ويغرق في التخيل، وفي السراة من يطلب غير الأدب لطف الشعور، وفي النساء من تبتغي مع التأثر رياضة الذهن. فغرض الدرامة إذن هو تصوير الأخلاق بخلق الأشخاص وتمثيلهم على المسرح تبعاً لشروط الأشخاص لبيان أخلاقهم وتوضيحها، واستخراج الحياة الإنسانية من هذه الأخلاق والأهواء التي تتصادم وتتلاحم، فتنتج الوقائع الكبيرة والصغيرة، والحوادث المحزنة والمضحكة، التي تنطوي على لذة القلب يسميها الناس منفعة، وعلى عظة للعقل يسميها الحكماء حسن خلق. فبان من ذلك أن الدراسة تأخذ من المأساة تحليل الأهواء والشهوات، ومن الملهاة تصوير الأخلاق والعادات. فهي الشكل الثالث من أشكال الصناعة الأدبية، وهو أكبرها وأعمها، لأنه يشمل الشكلين الأولين فيمزجهما ويشرحهما. ولو لم يوجد شكسبير بين كورني وموليير فمد يسراه إلى الأول ويمناه إلى الثاني، لبقي كل منهما بعيداً عن الآخر فبوجوده التقت الملهاة بالمأساة التقاء الموجب بالسالب في الكهرباء، فحدث من التقائهما شرارة هي الدرامة
ثم مضى هوجو بعد ذلك في بيان حقيقة الدرامة من جهة الفلسفة التاريخية نحيلك عليه إذا