للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الدميم. . .

للأستاذ حبيب زحلاوي

- ١ -

ما كنت أبتعد بضعة أمتار عن المنتهى حيث كنت جالساً مع طائفة من أصدقائي حتى شعرت بقبضة يد رقيقة تستلهمني. التفت فرأيت واحداً من أولئك الأصدقاء الجلاس، فلمحت في نظراته شبه استعطاف، فقال لي بلهجة لا تخلو نبراتها من قوة: أريد أن أسألك بشرط أن تجيبني بصراحة، ما هي عقدة القصة؟ وما هي الحبكة؟ ما هو العرض والفكرة والوحدة التي تكلمت عنها فقلت إنها عناصر حيوية القصة؟ أنا يا صديقي أحسن كتابة القصة، أو بعبارة أخرى أحسن خلقها فوراً، وابتدع وقائعها وأشخاصها ابتداعاً، وأجذب المستمع إلى الانتباه إلي، ولا أتركه إلا من أشبعه وأمتعه بلذات من الخيال المذوق، والتلفيق الموشى بألوان من حسن الكلام. أليس هذا هو الفن؟! واستطرد قائلاً: ما دام الأمر كما ذكرت لك، وأزعم أني قد ذكرت الحقيقة الواضحة من البناء الفني، فما هي إذن العقدة، والحبكة، والعرض والفكرة والوحدة التي تكلمت عنها، وأحسب أني فهمت من مجمل كلامك أن لا قيمة للقصة الخالية من هذه الخصائص؛ فهل هذا صحيح؟

أعجبتني رؤية مسحة الطفولة تكسو وجه هذا الشاب ورفقت به وبأمثاله ممن يتغالبون في الآداب والفنون ويستهينون بها كأنها سهلة التناول فقلت:

تعالى معي إلى النادي فهناك استمع إليك بانتباه وأجيبك إلى طلبك عن رضى.

قال: في الجلوس في المقهى متعة للنظر لا وجود لها في الأندية.

فقلت: ليس بي ميل إلى أشغال الذهن بمراقبة المارة، وليس بي ذلك الظمأ إلى المرأة الذي ينتابكم أنتم يا جلاس المقاهي

قال: نحن على غير مذهبك الفردي يا صاحبي، نحن جلاس الأفاريز، رواد المقاهي، نتضور جوعاً، نتلهف على لفتة من فتاة أو نظرة من امرأة، ألا تحس مثلنا بالمجاعة النفسية وقد طغت واستعصى أمرها على وزارة الشؤون الاجتماعية؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>