لعوب حسنة الدل، مفاكهة مداعبة، تحي ليلها راقصة مغنية؛ حتى إذا اعتدل الليل ليمضي، وانتبه الفجر ليقبل - أنكفات إلى دارها فنضت وشيها، وخرجت من زينتها، وخلعت روحا ولبست روحا، وقالت: اللهم إليك، ولبيك اللهم لبيك. ثم ذهبت فتوضأت وأفاضت النور عليها، وقامت بين يدي ربها تصلي. . .!
هي حسناء فاتنة، لو سطع نور القمر من شيء في الأرض لسطع من وجهها. وما تراها في يوم إلا ظهرت لك احسن مما كانت، حتى لتظن إن الشمس تزيد وجهها في كل نهار شعاعة ساحرة، وان كل فجر يترك لها في الصبح بريقا ونضرة من قطرات الندى.
وتحسب أن لها دما يطعم فيها يطعم أنوار الكواكب، ويشرب فيما يشرب نسمات الليل.
وإذا كانت في وشيها وتطاريفها وأصباغها وحلاها لم تجدها امرأة، ولكن جمرة في صورة امرأة؛ فلها نور وبصيص ولهب، وفيها طبيعة الإحراق. . . أن الذي وضع على كل جمال ساحر في الطبيعة خاتم رهبة - وضع على جمالها خاتم قرص الشمس فإذا رأيتها بتلك الزينة في رقصها وتثنيها - قلت: هذه روضة مفتنة اشتهت أن تكون امرأةفكانت، وهذا الرقص هو فن النسيم على أعضائها.
وهي متى نفذت إلى البقعة المجدبة من نفسك أنشأت في نفسك الربيع ساعة أو بعض ساعة.
وتنسجم أنغام الموسيقى في رشاقتها نغمة إلى حركة؛ لأن جسمها الفاتن الجميل هو نفسه أنغام صامتة تسمع وترى في وقت معا وتنسكب روحها الظريفة بين الرقص والموسيقى، لتخرج لك بظرفها صراحة الفن من إبهامين كلأهما يعاون الآخر.
وهي في رقصها إنما تفسر بحركات أعضائها أشواق الحياة وأفراحها وأحزانها، وتزيد في لغة الطبيعة لغة جسم امرأة.
وكان الليل والنهار في قلبها، فهي تبعث للقلوب ما شاءت ضوءاً وظلمة.
وهي إلى القصر، غير انك إذا تأملت جمالها وتمامها حسبتها طالت لساعتها.