والى النحافة، غير انك تنظر فإذا هي رابية كان بعضها كان مختبئا في بعض.
ويخيل إليك أحياناً في فن من فنون رقصها ان جسمها يتثاءب برعشة من الطرب، فإذا جسمك يهتز بجواب هذه الرعشة لا يملك إلا أن يتثاءب. . .
ويجن رقصها أحياناً، ولكن لتحقق بجنون الحركة أن العقل الموسيقي يصرف كل أعضاء جسمها.
ومهما يكن طيش الفن في تأودها ولفتتها ونظرتها وابتسامها وضحكها - ففي وجهها دائما علامة وقار عابسة تقول للناس: أفهموني.
ولما رأيتها شهد قلبي لها بان على وجهها من نور الجمال نور الوضوء؛ وإنها متحرزة ممتنعة في حصن من قلبها المؤمن، يبسط الأمن والسلامة على ظاهرها؛ وان لها عيناً عذراء لا تحاول التعبير، لا سؤالاً ولا جواباً ولا اعتراضا بينهما؛ وان قوة جمالها تستظهر بقوة نفسها، فيكون ما في جمالها شيئا غير ما في النساء - شيئاً عبقرياً بالغ القوة، يكف الدواعي ويحسم الخواطر، ويرغم الإعجاب إن يكون ذهولاً وحيرة، ويكره الحب أن يرجع مهابة واحتشاماً.
والرواية كلها في باطنها تظهر على ضوء من مصباح قلبها، وما وجهها إلا الشاشة البيضاء لهذه (السيما)، وهل يكون على الوجه إلا أخيلة القلب أو الفكر؟
وعندي أن المرأة إذا كان لها رأي ديني ترجع إليه، وكان أمرها مجتمعاً في هذا الرأي، وكانت أخلاقها محشودة لها، متحفلة به - فتلك هي الياقوتة التي ترمي في اللهب ولا تحترق، وتظل مع كل تجربة على أول مجاهديها، إذ يكون لها في طبيعة تركيبها الياقوتي ما تهزم به طبيعة التركيب الناري.
وليس من امرأةإلا وقد خلق الله لها طبيعة ياقوتية، هي فطرتها الدينية التي فيها؛ إن بقيت لها هذه بقيت معها تلك، ولكنها حين تنخلع من هذه الفطرة تخذلها الفطرة والطبيعة معاً، فيجعل الله عقابها في عملها، ويكلها إلى نفسها؛ فإذا هي مقبلها أغلاطها ومساوئها بطرق عقلية ان كانت عالمة، وبطرق مفضوحة إن كانت جاهلة. وما بد أن تستسر بطباع إما فاسدة وإما فيها قوة الاستحالة إلى الفساد؛ ويرجع ضميرها الخالي محاولاً أنئ من ظاهرها، بعد ان كان ظاهرها هو يمتلئ من ضميرها؛ وتصبح المرأة بعد ذلك في حكم أسباب