للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة الفن]

دراسات في الفن

العيد فن الطفولة

للأستاذ عزيز أحمد فهمي

إلى الذين أسعدوني في أعيادي والذين ودوا ذلك، والى الذين سعدوا معي فيها فطاب لهم ذلك كما طاب لي، والى الذين وددت لو أسعدتهم بعد ذلك. . . حقق الله رجائي. . .

إلى أيام البهجة والصدق. إلى أيام الغفلة والحب

إلى رصيف الإسكندرية ورصافتها

إلى كل ما كان. . . تحية اللوعة والوفاء. . . يا ليت ما كان دام لولا أن من عاش رأى. ومن يدري فربما ود من رأى لو أنه لم ير. من يدري؟ لطفك اللهم!

كان العيد عيداً

كنا نتهيأ لفرصته من رمضان أو شعبان فكانت أيامهما أعياداً. وكنا نحلم بأيامه فكانت أحلامنا أعياداً، وكنا نتحدث بأحلامنا فكانت أحاديثنا أعياداً. وكان العيد يجيء وكنا نستغرق فيه، وكان العيد يمر، وكنا نذكره فكانت ذكراه أعياداً. وكانت نشوة العيد تأخذ الروح من العيد إلى العيد حتى لم نكن نحسب أن بين العيد والعيد أياماً ليست أعياداً.

. . . حتى جاء عام فطنت فيه إلى أن بين عيد الفطر وعيد الأضحى شهرين وبعض شهر، وأنهما ليسا أسبوعاً متلاحقاً: الثلاثة الأيام الأول منه عيد صغير، والأربعة الأخر عيد كبير. فكيف فطنت إلى هذا؟ وكيف عرفت أنها حقيقة جديدة لولا أني لم أكن أراها قبل ذلك، وأني كنت لا أميز الأيام من الأيام؟ وهل أنا وحدي الذي كنت هكذا؟ لا يمكن. . . وإنما كان مثلي كل الأطفال فهذا هو طبع الطفولة. . . لا تريد أن تعرف من الحياة إلا المرح والبهجة والفرح والعيد. . . فهل لم تكن تنغص عليَّ الحياةَ آلامٌ؟ كانت آلام ولكن كانت معها دموع تغسلها فتنقي الروح منها ولا تعود تذكرها.

ثم تعلمت الجلد. والجلد صبر على الألم، والألم كدر. . . فتراكمت في النفس أكدار فوق أكدار لعلها اليوم من كثرتها لم تعد تصلح علامة لتمييز الأيام من الأيام. . . ولكنها صلحت

<<  <  ج:
ص:  >  >>