(والآن ماذا ينبغي أن نأخذ معنا؟ - حاذروا أن تنسوا شيئاً).
فقالت زوجتي:(لا تنسوا الكاميرا. . فسنحتاج إليها ولا شك).
وقال فكتورين - جارتنا -: (الأفلام. . ما فائدة الكاميرا بلا أفلام؟).
قلت:(صدقت. . وماذا أيضاً؟).
فقالت زوجتي:(والصابون!).
وقال فكتورين:(ورق اللعب. . أليس كذلك؟).
فقلت. (والأطباق والملاعق والفوط والسكاكين!!. إن من يسمعكما يخيل إليه أننا ذاهبون إلى بعض مجاهل الدنيا).
فقالت زوجتي:(الحق أقول لكم إني أخشى علينا. . . إن هذه الجبال لا عهد لنا بها وسنعود بالليل. . وقد كنت أفضل أن يقود السيارة رجل يعرف الطرق. . رجل من أهل البلاد).
قلت:(الحق معك. . فإني أخشى الثلج على الجبال)
فصاحت زوجتي:(ثلج؟؟ هل قلت الثلج؟).
قلت:(نعم. . جبال من الجليد. . وسنحتاج أن نربط السيارتين معاً بحبل واحد. . فإذا سقطت إحداهما في الهاوية جرت الأخرى معها. . . ألا تكفون عن التخريف؟).
فكفوا. . وقمنا إلى مضاجعنا استعداداً للسير في بكرة الصباح.
وكنا ثمانية في سيارتين: زوجتي وأولادي وأنا في سيارتنا، وجيراننا في سيارتهم. فانطلقنا منحدرين في الطريق إلى بيروت وهو طريق وعر كثير التعرج والتلوي، ولكنه أملس كبطن الكف. غير أنه مخيف - يقوم الجبل على جانب منه، والوادي تحته من الجانب الآخر. ولا ترى منه وأنت تقطعه إلا القليل لأن تلويه حول الجبل وانثناءه كالحبل أو كالحية يخفيانه. وكان الضباب في أول الأمر يمنعنا أن نسرع، ولكن الشمس بددته فانكشفت الدنيا لعيوننا فنعمنا بجمال الوادي الأخضر، وجلال الجبل الشامخ، وقد قام الشجر الثمير على سفحه بين كتل الصخور، واختلطت فيه بهجة النور وزهرته بنضارة الخضرة.