للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[السر الموزع]

للآنسة النابغة (مي)

وسط الهرج الذي يحدثُ عادةً عند انفضاض مجلسٍ من المجالس تناثر الزائرون في الردهة يهمون بالانصراف مودعين أهل الدار وشاكرين لهم حفاوتهم، متبادلين مع هؤلاء وأولئك التحية والمصافحة، متواعدين فيما بينهم على الاجتماع في فرصةٍ قريبة

أما ذلك الفتى فمضي يتسلل خلسةً، هرباً من كل شخصٍ خطر وللتملص منهم جميعاً: (والشخص الخطر) في تلك الحال هو أي شخص قد يشتبك معهُ في حديث ويصحبهُ إلى الخارج، إنه يحتاج إلى الوحدة لا يعكر عليه صفاءها أحد، لأنه في تلك الحالة النفسية التي تبدو فيها الحياةُ طريفةً وتبدوا فيها الخليقةُ وكأنها خرجت الساعة من يدِ الباري غضةً جديدة

خرج إلى الرصيف وجال نظرهُ يبحثُ بين الناس والسيارات فاستقرت عيناه على خمس فتيات من اللائي حضرن الاجتماع، وقد أحطن بسيارة كبيرة أخذن يتوارين في داخلها الواحدة بعد الأخرى، فكانت الأخيرة في التواري صاحبة الثوب ذي الزرقة (الكهربائية). فجهد الفتى ليرى منها جميع حركاتها فرأى فيما رأى أنها التفتت إلى الوراء، شأن من يبحث عن شيءٍ أو شخص. وسرعان ما لمحتْ رأسه والتفت عيناها بعينه عن بعد. فأدركت أن نظره يتبعها ويرقبها، وأدرك هو أنها تأخرت والتفتت لتبحث عنه. فما إن تلاقي نظراهما وفاجأهما ذلك الإدراك حتى أعرض كلٌ منهما على عجل كأنما هو يخجل بانكشاف أمره. وعندما تحركت السيارة مندفعة إلى الأمام أرسل الفتى نظره يشيعها في حرية واطمئنان

- هأنذا! انتظرني أم تبحث عني؟

لقد وقع ما كان يخشاه، ولحق به زميل لم يكن ليتحاشى مصاحبته أو ينفر من حديثه عادة. ولكن الآن. . .

- هيا بنا إلى جروبي!

فتلكأ الشاب قليلاً وقال: - إني على موعد

- أي موعد؟ ألم نتفق عندما جئنا هذه الدار على موافاة أصحابنا عند جروبي بعد الخروج

<<  <  ج:
ص:  >  >>