للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في الجحيم البلقاني]

ألبانيا الفتاة

لمناسبة حوادثها الأخيرة

للأستاذ محمد عبد الله عنان

في أوربا دولة إسلامية صغيرة يحدق الخطر اليوم بمصايرها؛ ويتطلع الاستعمار الأوربي إلى افتراسها: تل هي مملكة ألبانيا التي أثارت حوادثها الأخيرة كثيراً من التساؤل والاهتمام، وهي الدولة المسلمة الوحيدة في أوربا، لأن تركيا لم تبق بعد من الوجهة الجغرافية دولة أوربية؛ ومن الأسف أن هذه الملكة الصغيرة تجد نفسها، مذ حصلت على استقلالها قبيل الحرب الكبرى، بسبب ظروفها الجغرافية، هدفاً لأطماع ومنافسات دولية قوية لا تستطيع خلاصاً منها، وترى نفسها مرغمة بحكم ضعفها وعزلتها إلى التماس العون والحماية من أولئك الذين يتطلعون إلى افتراسها

كانت ألبانيا قبل الحرب ولاية تركية. ولكن هذه الأمة الصغيرة الباسلة تناضل في سبيل استقلالها منذ بداية القرن التاسع عشر؛ وقد استطاعت فعلاً أن تحصل على نوع من الاستقلال في عهد زعيمها علي باشا اليانيني في أوائل هذا القرن، فلما انهار سلطان هذا الزعيم الذي تملأ حياته وسيره المروعة كثيراً من صحف القصص الغربي، انهارت جهود ألبانيا في الاستقلال، وعادت تركيا فمكنت منها نيرها وسيادتها. ولما نشبت الحرب بين تركيا والدول البلقانية في سنة ١٩١٢، كان من نتائجها استقلال ألبانيا، قضت به معاهدة لندن التي عقدت بين الدول في مايو سنة ١٩١٣، واتفقت الدول على اختيار حاكم للدولة الجديدة المستقلة، ووقع اختيارها على البرنس دي فيد الألماني. وفي أوائل سنة ١٩١٤ قدم البرنس دي فيد إلى ألبانيا بعد أن زار حكومات الدول الأوربية المختلفة، فاستقبله وفد من الزعماء الألبانيين وعلى رأسهم عميدهم أسعد باشا بطل اشقودرة الذي أعلن استقلال ألبانيا قبل أن تقرره معاهدة لندن، طلب إليه باسم الشعب الألباني أن يقبل عرش ألبانيا، فلبي البرنس الدعوة ولقب (بأمبرت) ألبانيا وهو تصغير للقب الامبراطور، وتولى أسعد باشا في الحكومة الجديدة وزارتي الداخلية والحربية، ولكن الخلاف لم يلبث أن دب بينه وبين

<<  <  ج:
ص:  >  >>