في الأيام الخالية وكانت الدنيا لا تزال في شبابها كان - كما علمنا - يقيم في واد شرقي عدن شاب اسمه (توبال قابيل) وهو حفيد ذلك الرجل الذي عاش على الأرض اكثر مما عمر أي رجل آخر وهو متوشالح
ذهب توبال قابيل إلى الجبال ليكون صياد قبيلته لأنه أوفر رجالها جسما وأوفاها قوة. وكان يستطيع لقوته أن يرمي الرمية فيصيب بسنانه المصنوع من الحجر المنحوت أي وحش يريد قتله. وكان كذلك حاد البصر سريع الحركة ففي وسعه أن يرى أي مخلوق يختبئ في الغابة ويتبعه في سرعة مطارداً إياه عند الهرب
وقد عرف توبال قابيل سر النار وصنع النار وكان ذلك السر مجهولاً من قبيلته منذ أجيال. وكان رجل من أهل الشمال لقنه سرها، وكان هذا الرجل وقبيلته قد قبسوا من نار البرق الذي مصدره السماء فاحتفظوا بذلك القبس حتى عرفوا في النهاية كيف يصنعونها بأنفسهم، وذلك باستدعاء روح النار الكامنة في أخشاب الغابة التي يقيمون بها. وكان توبال قابيل يصنع بالنار ما يصنع بالسحر فهو في الليلة الباردة يعيد الدفء باستخراج الألهوب الأحمر من الخشب وبتغذيته بالهشيم الذي يجمعه أثناء النهار، وقد وجد أن الوحوش المفترسة تخاف من روح النار فتهرب وأن الوحوش لا تزعج نومه ما دامت النار بالقرب منه ترعاه
وفي يوم شديد البرد جمع توبال قابيل مقداراً عظيماً من الغصون الجافة والخشب الجزل وسلط عليها الروح الحمراء لتأكلها لأنه كان شديد التألم من البرد فقد كان طول هذا اليوم في الجبال يطارد نمراً عظيماً، وكانت الريح شمالية عنيفة باردة فاستشعر البرد حتى كاد يسري في عظامه
حبس من أجل ذلك بجانب النار، ولما تأمل في قرارها رأى منظراً أعجب من كل ما رآه من قبل: رأى صخرة كانت في وسط الألهوب، قد تحول لونها إلى الاحمرار، وبدأت على