والحق أنه صراع بين ذوقين فنيين: ذوق القاهرة القديمة، وذوق الإسكندرية الحديثة. أما ذوق القاهرة فيمثله مصطفى بك رضا وأبناء محمد عثمان. وألحان القاهرة كما يعرف الجمهور هي هذه الألحان الصابرة الناعسة النائمة الخانعة، التي كان يقصد بها قصداً أن تغني في الأفراح والليالي الملاح التي يقيمها البيكوات والباشوات، وقد كان محمد عثمان أبرز المغنين في هذا النوع، وكانت موسيقاه المخمورة هي الرائجة في عصر النوم والسهر. . .
أما ذوق الإسكندرية فغير هذا. . . ذوقها هو الظاهر في موسيقى سيد، هو هذه الحياة المنغمة، وهذه العواطف الملحنة التي نفثها سيد درويش في مصر، والتي أخذها عنه من بعده زكريا أحمد فوفق، ومحمد عبد الوهاب فأنحرف بها إلى تقليد الموسيقى الغربية لأنه حسبها تقليداً واقتباساً كما قرأ في المجلات، وهي بعد ذلك أساس المذهب الحديث الذي يقلده ملحنو اليوم!
واليوم ووزير المعارف هو معالي النقراشي باشا الإسكندراني ووكيلها هو صاحب العزة السنهوري بك الإسكندراني. . .
ألا نستطيع أن نأمل في إحياء موسيقى سيد درويش على أيد يهما؟ إننا نز جو هذا ما دام لها ذوق فني ناضج حي، وإن لها هذا الذوق