روى عن أنس مالك أنه قال:(إن الجنة لتحن شوقا إلى بيت
المقدس، وبيت المقدس من جنة الفردوس)
مقدمة
لملوك مصر وسلاطينها اليد الطولي في إنشاء المباني العالية بمدينة القدس، إذ لهم المدارس والمساجد وبيوت العلم والرباطات والحصون التي بنوها وأنفقوا عليها من أموالهم وحبسوا على خدمتها الأوقاف ورصدوا لوجوه الخير والأموال والضياع والعمائر مما لا يصدقه الجيل الحالي.
ذلك لما حباهم المولى تعالى من بسطة في الملك والعظمة، ولما رزقهم من نصر يتبع نصرا، ولما اشتهروا به من أنهم خدام الحرمين الشريفين بمكة والمدينة، وسدنة الحرمين الشريفين بالقدس والخليل. والمتتبع لهذه الحقبة من الزمن يقف حائرا أمام عظمة تلك العهود وأمام عظمة هؤلاء الملوك، وتأخذه الحيرة لماذا أخفى الناس تلك الأيادي البيضاء؟ وما الحكمة في تناسي ماض لنا هو جزء منا لا أقول يكمل شخصيتنا، بل أذهب إلى أكثر من ذلك فأقول هو أكبر مظهر لمصر الإسلامية العربية وأثرها في تاريخ العالم.
عود إلى الماضي:
كان ذلك في نهاية عام ١٩٣٥، هو أول عهدي بفلسطين، حين دعيت إلى العشاء بمنزل المندوب السامي البريطاني، الجنزال السير آرثر ووكوب، فجاء مكاني بجوار المستر ريتشموند مدير مصلحة الآثار، وتناول برفق عدة مسائل تمت بصلة إلى التاريخ والآثار، وعرض لهبة روكفلر التي رفضتها مصر، فقبلتها فلسطين، ورأى في هدوءا واستماعا ورغبة في الاستزادة من علمه، فدعاني لزيارته في متحفه، وكنت مأخوذا بالتعرف إلى الآثار المسيحية، وقد وضع النائب البطريركي للروم الأرثوذكس برنامجاً لي، فرأيت أن