للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في حضرة الأمير فؤاد جلالة الملك الراحل]

للأستاذ عبد القادر المغربي

عضو مجمع اللغة العربية الملكي

لم يتح لي شرف المثول بين يدي جلالة الملك فؤاد الأول وأنا عضو في مجمع اللغة العربية الملكي، وإنما أُتيح لي ذلك وهو أمير وأنا محرر في جريدة (المؤيد) سنة ١٩٠٧م

كتبتُ في هذه السنة عدّة مقالاتٍ في الدين والأدب والأخلاق والاجتماع الإسلامي؛ وكان مما كتبته سلسلة مقالات بعنوان (حمامة الأزهر)، فكنتُ أروي عن تلك الحمامة - مستمداً من وداعتها ونزاهتها - وصفاً دقيقاً لأحوال الأزهر وأخلاق علمائه ومشارب طلابه وما يقع فيه يوماً فيوماً من خير يمتدح أو شر يجتنب

واتفق يومئذ حدوث ما حدث بين السّيد علي المرصفي ومشيخة الأزهر. وكان السيد يقرأ من كتب الأدب (كاملَ المبرد). وللحجاج فيه كلمة نابية لا تكاد تذكر حتى يتبرأ منها المسلم. فَنَقَلَ بعض الوُشاة إلى المشيخة خَبَرَ ورود هذه الكلمة في درس الأستاذ (المرصفي). فأكبرتْ أمرها. ودعت الأستاذ إليها وناقشته في اختياره لهذا الكتاب من بين كُتُب الأدب الكثيرة، وفيه تلك الكلمة. ثم أبَتْ المشيخة عليه إلا أن يقرأ مقامات الحريري، وأبى هو إلا أن يهجر الأزهر ويعكف على القراءة في داره في باب الشعرية، وهكذا وقع

على أثر ذلك زارني في إدارة تحرير (المؤيد) ثلاثة من مجاوري الأزهر الذين لم ينفضوا من حول شيخهم المرصفي. وقد ألفت بينهم حرّية في الفكر، وصراحة في الرأي، ونفوس وثابة إلى التجديد: فكانوا في تأريخنا الحديث أشبه بجمعية إخوان الصفا في تأريخنا القديم

وهم الأساتذة: طه حسين، والزيات (صاحب هذه الرسالة)، والزناتي

فأنستُ بهم وسررت بزيارتهم

وقد وصف لي الأستاذ طه حادثة أستاذهم المرصفي مع مشيخة الأزهر وعجَّبني أشدّ العجب من موقف المشيخة إزاء هذا الحادث. ثم رغب إليَّ أن أستنطق (حمامة الأزهر) فهي تملئ عليَّ الخبر بأتمّ ممّا أملاه هو وأن أنشر ما تقوله في (المؤيد)

فقلت له - وأنا آسف واجم: إن الشيخ علي يوسف دعاني إليه بالأمس وقال لي: إن سمو الخديو (عباساً) قال له: قل للشيخ المغربي ليدع (حمامة الأزهر) وشأنها، ولا يرو منْ بعد

<<  <  ج:
ص:  >  >>