خواطر الحرب - صوت العلم بين صليل السيوف ودوي المدافع - إستكناه الذرة وقضية الإلكترونات - جحافل العلم في ميدان التجارب - قصة مليكان - إذا عمت السكينة.
للدكتور محمد محمود غالي
كنا نتابع قصة الخليقة ونذكر عمل الإنسان، ونستعرض الخطوات الكبرى التي تمت في السنوات الخمسين الأخيرة، وبدأنا هذا العمل في يناير الماضي بدء العام السابع للرسالة، وما نعد أنفسنا إلا في منتصف الطريق، مهمتنا أن نعرض على القارئ صوراً من المراحل المختلفة التي بلغتها العلوم، تلك المراحل التي فتحت مجال الذهن وفتقت حواشيه وحولت التفاتاته إلى الناحية التي جعلت من الإنسان على مرَّ الأيام أنموذجاً أرقى ومثالاً أكمل. وقد تابع مقالاتنا هذه عدد غفير من القراء ما زالت تردنا رسائلهم من كل صوب.
وبينما نحن نتابع عملنا إذا بالعالم يُفاجأ بما يُغير مسرى الحياة الفكرية فيه، ويحولها من طريقها إلى آخر تكتنفه الآلام والمصائب، فمن اطمئنان وسلام، إلى حرب واصطدام، أكثر ما يُروَّعني فيهما أن يُقْضى خلالهما على الملايين من الأبرياء، وأن تهدم أسس الحضارة وتُدكَّ صروح المدنية، ولكن هذا التغيير في حالة العالم لم يك ليُقْعدني عن مهمتي في الكتابة ويصدني عن غرضي في التأليف؛ فإن النفوس الواجمة من شبح حرب مروعة، والأفكار المضطربة من صراع عنيف في حاجة من وقت إلى آخر أن نرفه عنها، ونعمد إلى تهدئتها ونبث روح السكينة فيها. لذلك أخذت على عاتقي أن أستمر في مهمتي العلمية حتى أساهم في الساعات التي أعطيها كل أسبوع لقراء الرسالة في دفع كابوس الحرب الجاثم على العالم في هذه الآونة.
لعل القارئ يشعر معنا أن نغمات حزينة تتجاوب أصداؤها الآن في آذان العالم نرى لزاماً علينا إبعاد الأذهان عنها، وأن فكرة تحمل في طياتها الدمار والخراب وتغيير معالم الحضارة والعمران تسري الآن سريان النار في الهشيم، نرى لزاماً علينا أن ندفعها بكل عناية وأن نحطمها بكل قوة
إن الظلام حالك مدلهم، والنجوم تنشر في الفضاء وتملأ، والمشتري والمريخ يطلان علينا