من علياء السماء، وكأن ما بهما من مخلوقات فرضية تشاهد مأساة الإنسان التي بدأت تعرض دورها في ثالث الكواكب فتعجب لها ولا تقف على الغرض منها. ألا بئس الطمع وشر ما يجلب! الآن بعض شروط من معاهدة وضعها نفر من الساسة منذ عشرين عاماً ولا يريد هذا النفر تغييرها، ولأن هذه لا تروق لبعض الزعماء تقع شعوب الأرض في حرب ضروس؟ الآن لقطر أشباراً من الأرض في قطر آخر تمتشق الأمم الحسام وتأبى التفاهم ويحمل الطيارون وسائل التهلكة وتتخيَّر الناس حد الظبى فاصل إشكالها، ونُساق إلى حيث لا نعرف المصير؟
ولو أنه يتأتى من هذا أنه يصبح في العالم خلف خيرا من السلف، لو أننا مسوقون حقاً إلى هدف أسمى يستجلي منه الإنسان عهداً أرقى في الحضارة وأبقى في العدالة وأعظم في التقدم، عهداً لم يعهده من قبل - لوجدنا أن الخير كل الخير في حمل السلاح وطرح الراحة، ولطاب لكل إنسان أن ينقلب مجاهداً بين المجاهدين. أما والبشر يتقاتلون لغير غاية مفهومة، أو مأرب معقول، فكل ما نتمناه أن تنحصر الكارثة وألا تطول هذه المحنة، وأن يتغلب حكم العقل على الهوى ويعود السلام فيرفرف على الربوع والأمصار من جديد، ونرى العلماء يتفرغون لاكتشافاتهم العلمية المجيدة ومباحثهم اللانهائية وتصبح المختبرات مخابر سلم ووسيلة للتعمير لا للتخريب
هذا السلام لبني الإنسان طُرّا، للفقير قبل الغني، للضعيف قبل القوي، هو أمنيتنا وله نعمل من قلوبنا، وهانحن أولاء نرقب عودة عهد هدوء العالم ورفاهيته ونتم للقراء قصة العلوم ففيها القسم الإيجابي من حظ البشر، أما القسم السلبي الذي يشغل الآن رجال الحرب ويندفع إليه فريق من بني الإنسان فهو ما سيأسف له العقلاء في النهاية
وبراً بما وعدنا نعود الآن إلى الكتابة في الموضوعات التي سرنا فيها شوطاً فليس أحب إلى نفوسنا من المضي في سرد قصص العلم والعلماء وفي تبسيط أهم ما وصل إليه الإنسان المفكر من اكتشاف واختراع، ذلك لأن أسعد الساعات عندنا هي تلك التي نسطر فيها مفاخر الإنسان العاقل الدارس، وأعمال الرجل الكاشف العالم: فهيا بالقارئ خطوة أخرى إلى الأمام نزيده فيها كلمة يخلق بنا أن ندعوها باسم العالم الذي هو بطلها فندعوها قصة (مليكان)