الأستاذ سامي عازر جبران محام شاب نابه لم يقصر نشاطه على المحاماة؛ بل له في الصحف والمجلات - وفي المجتمعات أحياناً - بحوث في المسائل السياسية والاجتماعية لها طابع خاص من الدرس والتمحيص. ولعله اقتبس هذه الميزة عن والده المحامي الكبير الأستاذ عازر جبران، فقد كانت أحاديثه ومناقشاته في مجلس الشيوخ متسمة باتساع في الأفق وإحاطة بدقائق الموضوعات التي يطرقها. ولقد زاملته وزاملني في هذا المجلس وقتاً ما. ووددت لو استمرت هذه الزمالة. ولكن الحكومة لم تجدد تعيينه بعد انتهاء مدة عضويته. وهو ثالث ثلاثة كان عدم تجديد تعيينهم حجة لي على الذين يرمون هذا الشعب بأنه لا يحسن اختيار الأكفاء لتمثيله في انتخابات حرة. وقلت لهؤلاء اللائمين أن يخففوا من غلوائهم في تجريح الشعب. وضبت لهم الأمثلة على اختيار الحكومة أمعن في الخطأ وعدم تقدير الكفايات من اختيار الشعب إذا تركت له حريته في الانتخاب. منهم الأستاذ عازر جبران وسلم اللائمون بأن حجتي مقبولة بالنسبة لهؤلاء الثلاثة.
(المشكلة الألمانية) دراسة منسقة مستفيضة للأستاذ سامي أخرجها في كتاب متوسط الحجم. عالج فيه مسألة من أهم المسائل العالمية التي تشغل أفكار الناس كافة. وهي الطريقة التي يحسن أن تعامل بها ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب الأخيرة. وقد طرق المؤلف هذا الموضوع من شتى نواحيه. وعرضه على القارئ عرضاً شائقاً، وقرن كل دراسة لفصوله بالرأي الذي يرتئيه. ويبدو لن يقرأ الكتاب أن مؤلفه درس المسائل التي عرض لها دراسة مستفيضة. وأحاط بالبحوث التي أخرجها علماء السياسة وأقطابها. فجاء كتابه ثمرة طيبة لدراسات وتأملات عميقة. وفي الحق أن القارئ لهذه الدراسات يسره أن يرى فيها وفي مثلها صورة من جهود الشباب في نشر الثقافة السياسية والاجتماعية بطريقة علمية تأليفية.