للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يرى الأستاذ سامي أخذ ألمانيا بالشدة المتناهية في الانتقام وساق على ذلك أدلة مقنعة، أهمها إن المعاملة الصارمة التي عوملت بها عقب الحرب العالمية الأولى كانت من العناصر التي ولدت الحرب العالمية الثانية. وإن مسؤولية الحربين لا يمكن أن تحصر في سياسة ألمانيا وحدها. وإن نظرية تفرد شعب بالذات بصفة الاعتداء والوحشية نظرية تعسفية؛ لأن أصل شعوب الأرض واحد أياً كان ذلك الأصل. ولأن النازية (الوطنية الاشتراكية) هي سمة ألمانية الفاشية، والفاشية لا هي بالألمانية ولا هي بالإيطالية ولا هي باليابانية؛ وكلنها ظاهرة دولية انتشرت في مختلف بقاع العالم.

وساق الأستاذ سامي الأدلة على إن الشعب الألماني شعب مسالم بطبعه. لم يكن راغباً في الحرب بل كان يميل عنها وينفر منها. ولكن النازية هي التي دفعته إلى الحرب. فمن الإنصاف أن لا يؤخذ الشعب بجريرة النازية. وإن مهمة الديمقراطية المنتصرة ليست في تحطيم الشعب الألماني بل في تحطيم النازية وحدها. أما إذا هي عملت على تحطيم الشعب الألماني فإن هذا سيثير في نفسه روح البغض والكراهية مما يمهد في المستقبل إلى حرب عالمية أخرى. وإن الاحتلال العسكري الطويل في ألمانيا يعطل الثورة الاجتماعية المرتقبة فيها والتي تميل بها إلى الديمقراطية.

ومن آرائه الموافقة قوله إنه لا يمكن أن نتصور أن أية محكمة دولية أو أية حكومة أوربية يصح أن تكون أكثر من ستار شفاف لديكتاتورية يفرضونها على العالم، وإن التاريخ يعلمنا إنه من النادر أن استعمل القوي قوته استعمالاه محايداً للصالح العام، وأن الحل الوحيد الحاسم يتلخص في تحويل ملكية القوات الحربية من ملكية الدول منفردة إلى ملكية دولية عامة. لأنه طالما أن كل دولة تملك قواتها الحربية وأسلحتها فسيظل (توازن القوى) هو الشغل الشاغل للسياسة الدولية.

وقارن الأستاذ سامي بين موقف المنتصرين في أعقاب الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، وموقفهم في مؤتمر فينا سنة ١٨١٤ - ١٨١٥ عقب سقوط نابليون وانتصار الحلفاء على فرنسا وقتئذ، وكيف عولمت فرنسا معاملة معتدلة فقبلت شروط الصلح ونفذتها راضية دون أن تفكر في الانقضاض عليها، فلم تنشب في أوربا حرب عالمية كبرى زهاء مائة عام. على عكس ما وقع في مؤتمر فرساي سنة ١٩١٩ فإن

<<  <  ج:
ص:  >  >>