للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[دين الله واحد]

لصاحب الفضيلة الأستاذ محمد محمد المدني

أن جميع الرسالات الإلهية التي أرسل الله بها الرسل لهداية الناس إنما يقصد بها أمران: أحدهما: تقرير الواقع في شأن الألوهية وما يصدر عنها من إرسال الرسل، وتنزيل الكتب، والبعث والجزاء. . .

والآخر: هو التدرج بالناس في مدارج الكمال، ومدهم بالحكام التشريعية لتي تصلح بها أحوالهم، وتستقر بها سعادتهم ومن الطبيعي أن تتفق الرسالات كلها في الأمر الأول لأنه رجوع بالبشر إلى شيء متقرر ثابت لا يختلف باختلاف العصور والأحوال، وان ينحصر الخلاف في دائرة المناهج والشرع التفصيلية التي تتغير بتغير الزمان، ويتدرج الإنسان في مراتبها بحسب أطواره وبيئاته ودرجة رقيه في العقل والتفكير. ولذلك كان (الدين) واحداً على لسان كل رسول بعث، وكانت (الشرائع) مختلفة في تفاصيل الأحكام والتعبدات (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً)

وقضية اتحاد الدين على اختلاف الرسل قضية يقررها القرآن الكريم في كثير من المواضع، ويكررها على أساليب مختلفة، لتستقر في النفوس، وتؤمن بها القلوب، ويعلم الناس أنهم جميعاً على كلمة سواء، وأنه لا مبرر للتفرق والتنازع والعصبيات.

يقول الله تعالى: (أن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصائبين من آمن الله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).

وهذه الآية تفيد أن أصول الدين ثلاثة:

١ - الأيمان بالله على وجهه الصحيح الذي بين في آيات أخرى، بأن يشهد الإنسان أن لا إله إلا الله، ولا يعبد إلا إياه، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يوالي ولا يعادي إلا فيه، ولا يعمل إلا لوجهه. . .

٢ - الأيمان باليوم الآخر، بأن يعتقد أن الله سيبعث الناس من الأحداث ليحاسبهم على ما قدموا من خير أو شر فيكافئ لمحسن على إحسانه، ويجزي المسيء بإساءته.

٣ - العمل الصالح الذي من شأنه أن يسعد المجتمع البشري ويزيل الشرور والفساد، وينشر الطمأنينة والأمن، ويمكن كل إنسان من أداء واجبه وأخذ حقه على وجه سليم لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>