ونحن الذين عانينا ما تقولون نؤكد لكم أن قتالكم فرض علينا، وأن هذا القتال سيجعل من كل قطر عربي مجتمعاً منسجماً أننا أخذنا أسلحتكم كما أخذتم عن الغرب أسلحته، فالويل لكم منا بعد اليوم. إننا نسلم بأن فيكم رجالاً كانوا قادة وبناة من الطراز الأول، وأن هذا الوطن الذي تحاولون إنشاءه على نهر من الدماء هو من صنع تفكيرهم.
ولكن حلمهم لن يتحقق، ولن تقسم البلاد العربية إلى شطرين الشطر الإفريقي والشطر الأسيوي، هذا لن يكون أبداً. لأن منا رجالاً قد اخذوا على أنفسهم العهود والمواثيق لكي يحولون دون ذلك، وهم من مدرسة جديدة لن تجدوا لها قبيلاً في منظماتكم. أتدرون كيف هم: إني آتيكم بنبأ عنهم: هم قوم فيهم التضحية إلى أقصى حدود التضحية، ولكن بغير نفسية الاستحداء والضعف، حماستهم ثبات وهدوء، ووقفتهم في القتال رائعة، سيقدمون البذل كفرض عليهم، كما فرض المسلمون الأول الجهاد والتضحية والبذل على أنفسهم ولذلك لم يعرف عنهم أنهم ولوا الأدبار؛ كذلك رجالنا.
نفوسهم عالية: يعلمون ويتعلمون، يدربون ويدربون، يحاضرون الغير وينصتون للغير، ويلقون الدرس ويتلقونه عن الغير. فيهم قوة الملاحظة وهدوء الأعصاب، تلمس اليقظة مع الوعي فيهم، وقوة الإرادة مع التواضع، ولذلك يسيرون إلى الموت بالتهليل والتكبير والفرح والغبطة: إنهم الطليعة الأولى.
أعرفتم أيام الإسلام فيفجره؟ أعرفتم أنه بدأ غريباً وقامت قيامة الدنيا عليه، فتغلب على الدنيا وقيامتها، كذلك طلائعنا اليوم سنعيد أمجاد الطلائع الماضية: سيكون فيها المتحمسون والرواد والمحاربون والشهداء، نعم نسير لننتصر، ونموت لنحيا.
قلوبهم عامرة تشبه قلوب الطلائع الأولى، ستأتي زرافات إليكم من الأرض والهواء والبر والبحر طلباً للشهادة في الأرض المقدسة التي وعدنا بها. أليست أرضنا وبلادنا ومنزل الوحي عندنا؟