(تحية للأستاذ دريني خشبة الذي يعنى بشئون المسرح المصري ويفسح لها من علمه وأدبه)
إن ما تجري عليه الحكومة من وسائل ترقية فن التمثيل وتشجيع القائمين به - وأبين مظاهرها قيام الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى - إنما هو علاج مؤقت لحالة يجب أن يشملها إصلاح واسع يرتكز على سياسة إنشائية ترسم الوجهة التي يجب أن يولي المسرح المصري وجهه شطرها، ويكون من أول ما تسعى إلى تحقيقه إنشاء معاهد لفن التمثيل تعلم فيها فنونه وصناعاته على حقيقتها، وتكفل نشر ثقافة حقة لهذا الفن الجميل
وإنا إذ نقرر هذا ونشير به لا ننسى اعتباراً آخر له أهميته في تدعيم أساس لفن التمثيل وأدبه، وأعني به المسرحية المحلية ومؤلفها، بيد أن إيجاد هذا المؤلف النابه لا يتم بمجرد استشعارنا الحاجة إليه والبحث عنه، إذ أنه من فعل البيئة الثقافية وصنع الواعية الباطنة للمجتمع، وهذه أشياء تخرج على طوقنا لا حيلة لنا في السيطرة عليها. غير أنه مما لا شك فيه أن إذاعة ثقافية منظمة لهذه الفنون وتنظيم فرق تمثيلية تتسامى في عملها على الارتجال والجهل والتهويش والعرض الزائف لمما يساعد على خلق البيئة الفنية الصالحة التي قد ينجم منها المؤلف المسرحي الذي يسجل سمات الإنسانية العامة في معالم جيله، ويكشف عن القلب البشري في مسرحياته. لهذا نتجاوز عن هذا الاعتبار على أهميته، لنعالج عنصراً آخر له أيضاً أهميته لأنه مما يقوم عليه المسرح في كل زمان ومكان، ألا وهو الممثل والمخرج
إن إنشاء معاهد للتمثيل ضرورة ملحة مأتاها أن فن التمثيل باللسان العربي ليس أصيلاً في الأدب العربي، ولا هو من مرائي الحياة الاجتماعية في مصر، بل هو لون من الفن والأدب منتحل من الغرب، دخيل على المجتمع المصري منذ أن تفتحت أبواب من الأدب