للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في المباراة الأدبية]

استثمار نهضة المرأة المصرية للخير العام

للآنسة فتحية عزمي

كانت نهضة المرأة في مصر إحدى ثمار الفورة الوطنية المباركة التي انبجست من قلوب أبنائها البررة عام ١٩١٩؛ وإذا كانت الثورات التي حدثنا عنها التاريخ قد أفادت العالم من كل نواحيه، وخلقت روحاً جديداً من التطور في كل مرافقه، فإن مصر هي الأخرى قد جنت من وراء ثورتها الفتية نهضة مباركة بدأ أثرها جليا في السنين الأخيرة في الأدب والفنون والعلوم والاقتصاد والسياسة. وكان من أبرز هذه المظاهر وأروعها خروج المرأة المصرية من معقل التقاليد العتيقة المرذولة إلى الحياة العملية الصحيحة بعد الجهل المخيم والخمود الطويل. . .

لقد مضى على المرأة المصرية حين من الدهر لم تكن شيئاً مذكوراً حتى نفخ الزعيم الخالد (سعد) العظيم في صُور الثورة فلبت مع الملبين، وترامت في ميدان الجهاد مع المترامين، فرأينا كيف يجتذب صوت الداعي الأخاذ النقاذ خدور العذارى والسيدات إلى حيث النداء والتضحية، وكيف أن المرأة المصرية الحيية الساذجة قد ألقت عنها خمارها لتجابه بوجهها الحديد والنار في جانب الرجل، تشد عضده بمظهرها الحماسي الجريء، وتبعث في نفسه روح البسالة والإقدام، فيسارع إلى الموت باسماً لا ينكص ولا يتزعزع، وهكذا سجل التاريخ للمصرية في ذياك العام المجيد صفحة فخار ستبقى خالدة مادامت مصر ومادامت الوطنية والحرية، كما سجل للمرأة البدوية وراء الأجيال السحيقة يوم تبعت رجلها في الحروب تؤازره وتشجعه وتنشد خلفه أناشيد الحماسة والنصر فيشتد ساعده ويثبت جنانه فلا يتجلجل ولا يتحلحل إلا إلى نصر محقق حيث يعود إليها مزهواً بإكليل الظفر، أو إلى قبر في الفلاة موحش حيث الشرف كل الشرف والخلود كل الخلود. . .

فنهضة المرأة الحق في مصر لم تكن إلا وليدة الثورة، وكل ما قام قبل هذا التاريخ لترقية مستواها لم يكن إلا محاولات ضئيلة لا تكاد تذكر إلى جانب تلك الطفرة الهائلة التي قذفتها إليها الثورة، وهنا يحق لنا أن نحني الرأس في هذا المقام إجلالا لذكرى زعيمنا الخالد الذي تفجر من فيض وطنيته ما ننعم فيه الآن من نهضات عمت مرافقنا الحيوية، ثم نحيي في

<<  <  ج:
ص:  >  >>