جثمانه الهامد الوطنية الصحيحة والوجدان الحي والتضحية الفادحة والعمل الخالد المقيم. . .
وأخذت بعد ذلك نهضة المرأة المصرية تسير سيرها الحثيث نحو التقدم المنشود ففتحت أمامها موارد العلم لتغترف ما شاءت حتى صارت إلى ما هي عليه الآن من رقي وثقافة يكادان أن يضعاها في مستوى زميلتها الغربية، ولكن هل آتت هذه النهضة أكلها حقا؟ وماذا كان اثر هذه النهضة في الحياة العامة؟؟
لا يسع كل منصف إلا أن يحكم معنا أن تعليم المرأة لدينا قد بلغ شوطاً بعيداً وخاصة في الأعوام القلائل الأخيرة، فمنا الآن الأديبات والطبيبات والحقوقيات وغيرهن ممن نلن من الثقافة العالية نصيباً وافرا، ولكن العمل الرئيسي الذي خلقت له المرأة يؤول اليوم تدريجياً إلى الإهمال: فالشؤون المنزلية وتربية الأولاد وإعدادهم للحياة الصحيحة ثم تفهم الحياة الزوجية ودرسها درسا وافيا، كل ذلك أضحى في نظر سيداتنا وخاصة المثقفات منهن شيئا ثانويا أولى منه إتقان أدوات الزينة والجري وراء الأزياء الحديثة حتى أصبحنا في خشية من انطباق قول الآنسة دي سكودراي علينا:(أن فتاة تنسى النظر إلى السماء لا تحسن شيئا على الأرض!!)
(إن النساء أتين العالم لعمل الحساء وإنسال الأولاد وماعدا هذا فأنهن يظهرن بمظهر مزعج) كلمة مريرة قالها موليير عن المرأة، وهي وإن كانت تهكما لاذعا كاد صاحبها يخرج بها إلى حد المغالاة، أو جاوزها فعلا، إلا أن فيه إشارة إلى الوظيفة الأولى للمرأة التي أشرنا إليها من قبل. وأنه لخليق بالمرأة المصرية وقد ضربت في الثقافة العامة بسهم وافر أن تضع نصب عينيها الرسالة التي أوجدتها الطبيعة من أجلها وتؤديها على أتمها خالصة في سبيل الله والواجب، ومن ثم تضرب في خضم الحياة العملية ما شاء لها الفكر الوقاد على ضوء الخبرة والمعرفة. أما أن تعنى بالأمور الفرعية دون تقويم الأساس وتمكينه فهذا ما لا يقره منطق سليم ولا تبيحه نفس الطبيعة التي فطرت كل شيء لغرض معين وهيأته لرسالة محدودة
في يقيني أن خير استثمار أن خير استثمار المرأة العصرية للخير العام ينحصر في شيء واحد وهو: تشييد صرح حياتنا الاجتماعية على أساس مكين ونظام متقن؛ وإذا كانت