. . . أما بعد، فقد قرأت ما كتبتم في العدد رقم ٦٦٦ من مجلة (الرسالة) إلى مشيخة الأزهر ووزارة المعارف من حل حاسم لمشكلة الأزهر، وما كتبه حضرة الأستاذ عباس محمود العقاد في العدد رقم٦٦٧ عن مستقبل الجامعة الأزهرية، فوجدتكما ترميان إلى غرض واحد يستوقف النظر ويدعوا إلى التأمل.
وقبل التحدث أقدم بين يدي الحديث إلى حضرتي الأستاذين شكراً خالصاً لعنايتهما بأمر الأزهر وبحث أدوائه ودوائه في وقت شغل فيه المنسوبون إلى الأزهر بالتافه من شؤمهم، غير مكترثين لما يكتنف الأزهر من خطر، ولا ناظرين إلى ما يهدد وجودهم ووجوده من بلاء وافد، وخطب راصد، وموت حاصد.
وإن في عناية الأستاذين الكبيرين بالبحث في ستقبل الأزهر وحل مشكلته، قياما بحق تتقاضاه من كل ذي شعور كريم مكانة الأزهر التاريخية، وقيامه بحفظ الشريعة واللغة العربية زهاء ألف عام، فاستحقت مصر بذلك تقدير الأمم الإسلامية وأن تكون زعيمة الأمة العربية. وفي هذه العناية من جانب الأستاذ الزيات خاصة وفاء واعتراف بما للأزهر من صلة وثيقة بفنه البارع وأدبه الرفيع، وبما يدين به قلمه العربي الفصيح من بلاغة وحسن الهام امتاز بهما على الأقلام؛ ففي قنة الأزهر نبتت شجرته، ومن ماء مزنه ارتوت نبعته، ومن عودها كانت قصبته. وإذا كان رجل الفن من أغير الناس على فنه، وأحرصهم على خلود مدرسته، فأكبر ظني أن الأستاذ الزيات حين تقدم إلى مشيخة الأزهر ووزارة المعارف بما تقدم به من علاج رأى أن فيه حلاً حاسماً لمشكلة الأزهر، كان ثائراً من أجل الأزهر لا عليه، وغاضباً مما يجري فيه من الأحداث وحواليه، وإلا فما أظن طبيباً يتقدم لطب مريضه بدواء قاتل يرديه، ولا أحسب ابنا بارا يريش سهمه لمثقفه ويرميه فيصميه. ومن أجل ذلك يطمع الأزهر أن يراجع الأستاذان الرأي فيما كتباه عن مستقبله وحل