نعود الآن إلى الآراء التي أبداها أعضاء لجنة القراءة لنتبيّن منها مدى معرفتهم فن الرواية، وروح المسرح، وخاصية الناقد، إذ على الإدراك الصحيح يقوم البناء الصحيح للمسرح، فأعضاء اللجنة يرى - من تكلم منهم ومن آثر الصمت - (١) شبه طفرة في الرواية المؤلفة مما يدل على أخذ الفكر الروائي في نضوج سريع (٢) وأن الفرقة لم تبلغ الكمال ولم تقترب منه بعد إنما هي تمضي سراعاً إلى الكمال (٣) وأن رأي النقاد المسرحيين يجب ألا يدنو من النواحي الفنية والخلقية والاجتماعية واللغوية، لأنها من اختصاص أعضاء لجنة القراءة وحدهم (٤) وأن اختصاص النقاد يجب ألا يتعدى ناحية إخراج الرواية ومعدات الإخراج وطول الرواية وقصرها عن الوقت المناسب (٥) وأن حكم النقاد على أن الرواية قيمة أو ليست قيمة، أو مناسبة أو غير مناسبة، فمن عمل اللجنة وحدها (٦) وأن ليس في مصر الآن نقد فني قوي يستطيع أن يسقط الروايات أو يعليها (٧) وأن النقد الحالي محاولات أولية قائمة على مدح مفرط من غير أسباب فنية، أو ذم مفرط لأسباب شخصية (٨) وأنه أن كان هناك نقد قوي فأعضاء اللجنة نقاد أيضاً (٩) وأن النقاد يبدون آرائهم في الرواية حيث يكون الأمر قد انتهى وخرج من يد اللجنة، وأن الكرامة تأبى على مدير الفرقة سحب رواية وضح فشلها (١٠) وأنه قد يحدث أحياناً أن ترجع اللجنة بواسطة مدير الفرقة بالضرورة إلى رأي كبار المخرجين وكبار الممثلين لترى إذا كان يمكن تمثيل الرواية على الصورة التي قدمت بها (١١) وأن كبار المؤلفين لا شيء يبعدهم عن الفرقة سوى تهيبهم كتابة الرواية المسرحية ووقوفهم في صف واحد مع الكتاب الناشئين
هذه خلاصة لما يراه أعضاء لجنة القراءة وهم عمد المسرح الحقيقيون ودعامته القوية، ولكن ما قول هؤلاء الأعضاء الأجلاء إذا كان فن الرواية، وروح المسرح، والواقع المنظور المحسوس الملموس تنكر عليهم دعاواهم؟ ما قولهم إذا لم يكن في البلد أديب واحد يقرهم على أقوالهم وهي التخبط بعينه؟ ما قولهم وقد دلت أقوالهم على أنهم في درك الوادي