قيل لي إن في الدار فتاة تحمل رسالة إلي، وتود مقابلتي. . فتوجهت إليها، فوجدت نفسي أمام فتاة في العشرين من عمرها، مكتنزة الجسم، (مبتسمة) العينين، وشعرها أسود كثيف، ووجهها لا يحمل المساحيق، فهو بطبيعته ناصع البياض، وخداها ورديان يعلوهما القليل من البثر، المعروف بين الناس ب (حب الصبا)، وقد عصبت رأسها بمنديل حريري ملون، ولبست ثوبا قصيرا، وكانت ساقاها عاريتين، وتحتذي حذاء صيفياً.
دعوت الفتاة إلى غرفة ربة البيت. . . وبعد أن تبادلنا التحية ناولتني رسالة ففضضتها، فكانت من صديق محام يقول فيها:
(أخي العزيز. . .
. . . وحاملة هذه الرسالة هي الآنسة سلمي ليان من سريان الجليل، وهي فتاة تحب الغناء، وأعتقد أن لها صوتاً جيداً، فهل لك أن تساعده في إبراز مواهبها. . .؟
خذ بيدها، ولك عند الله الأجر والثواب) (. . .)
ودار بيني وبين الفتاة الحوار التالي:
- ألك أهل في هذا البلد؟
- كلا. . . وهذا أول عهدي بالمدينة. .!
- وكيف تأتين إلى مدينة ليس لك فيها أهل تلجئين إليهم؟. . .
- سأعود اليوم إلى بلدي بعد أن آخذ ردك.
- غير أن ما تطمحين إليه لا يأتيك على وجه السرعة، يجب أن تنتظري بعض الوقت.
سأنتظر إذا ما رأيت في الأفق بارقة أمل. . .
- وكيف تؤمنين معيشتك إلى أن تبلغي مأربك؟. .
- أقوم بأي عمل كان. . . خادمة في بيت. . . أو ممرضة في مستشفى.
- وأهلك؟
وما يهمني أهلي!. . أريد أن أكون فنانة. . . إن صوتا يهمس في أذني دائما: قومي أيتها