يمسك صلبها من ثمار الغابة وما تظن أنهما قد ضلا، وقد سرقهما الظلام منها. ثم تلتفت حولها وتقول إنها تظن أن هذا هو المكان الذي كان ينبعث منه الغناء والمرح، ولكنها لا تجد إلا الظلام وحده، وتهجس في نفسها المخاوف فكأنها تسمع أصوات رجال ينادونها وترى أشباحا تهتف بها وتتخيل ألسنة هوائية تنطلق بأسماء رجال، وهذه أشياء كفيلة بأن تلقى الخوف في النفوس ولكنها لا تزعزع عقلا يستمسك بالفضيلة ويمشي أينما اتجه في حمى حارس قوي هو الضمير، وتلوذ السيدة بالأيمان ذي العين البريئة وبالأمل ذي اليد البيضاء، وبالعفة الملك ذي الجناحين الذهبيين الذي لا يقهر، وتعوذ بهؤلاء أن يدرءوا الأذى عن حياتها وعن شرفها.
ثم تغني العذراء أنشودة جميلة توجهها إلى اكو تسألها عن أخويها قائلة (إيه يا اكو الحلوة يا أجمل عذراء، أنت يا من تعيشين خافية في قوقعتك الهوائية. يا من يطيب لك أغنية البلبل الحزينة يرفعها إليك متواجدا في لياليه على ضفة ميندر الخضراء وفي واديه الموشي بالبنفسج؛ أيتها العذراء ألا تدليني على اثنين جميلين أشبه ما يكونان بفتاك نرجس؟ أو إذا كنت أخفيتهما في كهف من كهوف الزهر فدليني عليهما يا ملكة الرجع ويا ابنة قبة السماء، ولئن فعلت لأدعون لك أن تبلغي السماوات فتكوني هناك الصدى الجميل الرشيق لكل ألحان الجنة).