للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الذي يذهل السامعين عن أنفسهم وعن عالمهم برهة.

ويظهر كومسي في المنظر الثاني وفي إحدى يديه عصاه السحرية وفي الأخرى زجاجته، وفي إثره يمشي قبيلة تمثل رؤوسهم أنماطا من الوحوش، ولكن أجسامهم آدمية، ومنهم الذكور ومنهم الإناث، ويلبسون جميعا ملابس براقة، ويقبلون في زياط وجلبة يتواثبون ويتراقصون وفي أيديهم المشاعل، وتسكن ضوضاؤهم بعد برهة، ويتكلم كومسي وقد سكتوا، فيصف مولد الليل، ويجري الشاعر على لسانه وصفا رائعا لمغرب الشمس في شعر مقفى جميل اللحن، فالنجم الذي يوحي إلى الرعاة موعد العودة بقطعانهم يتخذ سمته في السماء، ومحفة النهار الذهبية تبرد في ماء الأطلنطي، والشمس على الأفق الغربي تطلق آخر شعاع لها صوب القبة قد تغشاها الطفل، ثم تهبط متخذة طريقها إلى غرفتها الشرقية في الجهة الأخرى. . .

ويدعو كومسي قبيلة بعد هذا الوصف إلى اللعب واللهو تحت أستار الظلام، ويصف ما عسى أن يجري في الليل من صور المرح، ويشير إلى الناس وكيف يغطون في نومهم ومعهم مواعظهم ونظراتهم وحكمهم فهم من الطين؛ ولكن كومسي وقبيلة من النار فهم لذلك أكثر خفة وانطلاقا، والليل كفيل أن يغطي لهوهم ولعبهم، وما دام الصبح الذي يكشف نوره العيوب لا يزال بعيدا، فهلم إلى اللهو والزياط والمجون؛ ويدعو كومسي أتباعه أن يمسك كل منهم بيد صاحبه ثم ليضربوا الأرض بأقدامهم راقصين. . . ويأخذ هؤلاء في رقصهم لاهين عابثين، ولكن كومسي لا يلبث أن يدعوهم إلى السكون ثم الاختفاء فانه يسمع أقداما قريبة وينبئه سحره أنها عذراء ضلت في متاهات الغابة، ويتحدث فرحا عما يعده لها من السحر ويصف كيف يحتال عليها وكيف يتنكر لها في زي فلاح تأخر به سعيه من أجل عيشه عن العودة إلى كنه حتى هذه الساعة، ثم يعلن إلى قبيلة أنه سوف يسمع ماذا تقول العذراء.

وتتقدم السيدة فتظهر على المسرح، وتحدث نفسها قائلة إنها سمعت لتوها جلبة وأصوات مرح وغناء ومزمارا كمزامير الرعاة والفلاحين، وتقول إنها توجس خيفة من عبث هؤلاء وتوقحهم، ولكن ماذا عساها تصنع، وإلى أي طريق في متاهات الغابة تلوي وجهها عما تحذر؛ وتذكر أخويها قائلة بأنهما تركاها لتستريح وقد بلغ بها الجهد وذهبا ليحضرا لها شيئا

<<  <  ج:
ص:  >  >>