لا يخفى على أحد ما ينوي اليهود من البغي والعدوان على الأمم العربية؛ فهم عاقدو العزم على غزوها جميعًا وامتلاك بلادها واستعمارها. وفي هذه الحالة يتسنى لهم أن يستعبدوها استعباداً مطلقاً أو تهاجر منها جماعات وفرادى. . . ولكن إلى أين وقد وطد اليهود العزم على هذا وحرصوا عليه منذ دُمر هيكلهم في أورشليم وتشتتوا في جميع أقطار المسكونة، وصمموا أن ينشئوا دولة يهودية يتوقعون أن تشمل جميع دول الأرض!
قد تتراءى هذه الفكرة سخيفة لأنها شبه المستحيل، ولكن سلوك اليهود منذ قديم الزمان إلى اليوم يدلنا على أنهم يستطيعون المستحيل. ومنذ القرن الماضي شرعوا لتنفيذ هذه الحطة الجبارة، فعقد حكماؤهم أو حاخاماتهم عدة مؤتمرات سرية لدراستها وتقرير إمكانيتها ووضع خططها كما شرحنا ذلك في هذه المجلة. وكانت إثاراتهم للثورات والحروب والانقلابات منذ أواخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن من جملة خططهم؛ كالحرب السبعينية الألمانية الفرنسية، والثورة التركية في أوائل هذا القرن، والحرب العظمى الأولى، والانقلاب الروسي، والحرب العظمى الأخيرة - كل هذه الثورات والانقلاباتحدثتبدسائسهم الفظيعة ووسائلهم المختلفة، ومنها ماسونيتهم الخاصة التي كانت وما زالت تسخر الماسونية العامة لأغراضهم - كل هذا يؤكد لنا أنهم عاقدوا العزم على اجتياح البلاد العربية، ثم اجتياح الشرق كله، ثم اجتياح العالم كله!
ومنذ الحرب العظمى السابقة شرعوا ينفذون خططهم على أن تكون فلسطين نواة مملكتهم. وقد اختاروها نواة لسببين جوهريين: الأول أن فلسطين بحسب ما لفقوهفي توراتهممنذ ستة قرون قبل المسيح، هي أرض الموعد التي وعدهمبهم الرب (لا الله)، فجَّر هذه التوراة عليهم وعلى سائر الأمم الوبال، لأنها غرست في أذهان عاماهم أنهم شعب الله المختار. والسبب الثاني أن مقامهم ساء بين الأمم الأوربية الجبارة ولا سيما الأمم الألمانية، فصاروا يطلبون سلامتهم في الخروج منها، إلى أين. . . إلى بلاد أهلها ضعاف يستطيعون هم أن يستعمروها من غير نزاع، فرأوا أن الأُمم العربية خير مرعى لهم، فقاموا يطالِبون