للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في التاريخ السياسي]

تفاقم المشكلة الأسبانية

ألمانيا تكرر محاولة أغادير

بقلم باحث دبلوماسي كبير

يظهر أن أخطار المشكلة الأسبانية لن تقف حد؛ فقد بدأت الثورة الأسبانية في أواخر يوليه الماضي حرباً أهلية، ولكن عوامل التدخل الدولية التي صحبتها منذ قيامها لم تلبث أن غلبت على صفتها المحلية الداخلية، فهي اليوم حرب دولية في الأراضي الأسبانية، يستتر فيها فريق الدول الفاشستية وراء الجنرال فرانكو زعيم الثورة، وتستتر الدول الديمقراطية وراء حكومة مدريد؛ وقد كان هذا الاستتار شفافاً في البداية ينم على حركات الدول المختلفة؛ ولكنه يفصح اليوم عن كل شيء بجلاء؛ وتبدو الدول المتدخلة ولا سيما ألمانيا وإيطاليا والسوفييت في الميدان بكل جرأة؛ وتتقاطر الأسلحة والذخائر والنجدات الأجنبية إلى الفريقين المتحاربين بلا انقطاع

فهذه الصورة الدولية التي أسبغها التدخل الأجنبي على الحرب الأهلية الأسبانية تغدو اليوم بالنسبة لأوربا بركاناً يضطرم بمختلف المفاجآت والأخطار؛ وقد كان آخر طور من أطوارها الخطرة تفاقم التدخل الألماني وظهور ألمانيا في سياستها الأسبانية بمظهر يزعج الدول الغربية ويثير كل مخاوفها. ذلك أنها لم تكتف بإرسال السلاح والذخيرة والمتطوعين إلى جبهة الثورة، ولكنها بعثت بقسم من أسطولها إلى المياه الأسبانية الشمالية، وأخذت سفنها الحربية تعتدي تباعاً على السفن الأسبانية الجمهورية بحجة الانتقام لحادث الباخرة (بالوس)؛ وفي الأنباء الأخيرة أن قوة عسكرية ألمانية نزلت في مراكش الأسبانية، وأنه شرع في بناء الثكنات اللازمة لإيوائها مما يدل على أنها ستمكث هناك طويلاً؛ وأن قوات أخرى نزلت في قادس لنجدة الجبهة الثورية

وقد كان تدخل إيطاليا وألمانيا في الحرب الأسبانية على هذا النحو يزعج الدول الغربية منذ البداية؛ بيد أنه يلوح لنا أن السياسة الإيطالية أخذت على أثر تفاهمها مع إنكلترا تخفف نوعاً من هذا التدخل، وأن الاتفاق الإنكليزي الإيطالي (اتفاق الجنتلمان) على الاعتراف

<<  <  ج:
ص:  >  >>