بالحقوق والمصالح المتبادلة في البحر الأبيض المتوسط، وعلى احترام الحالة الراهنة فيه كان ذا أثر كبير في تعديل سياسة إيطاليا الأسبانية، وقد ظهر هذا التحول واضحاً في سحب إيطاليا لقواتها من جزيرة ميورقة، وفي وقف النجدات التي كانت ترسلها تباعاً إلى جبهة الثوار؛ هذا بينما يشتد التدخل الألماني ويتفاقم، ويمتد من أسبانيا نفسها إلى مراكش الأسبانية؛ وكان من المنتظر أن المجهود الذي تقوم به السياستان البريطانية والفرنسية لحصر الحوادث الأسبانية في نطاقها المحلي ودرء أخطارها الدولية يسفر عن بعض النتائج المرضية؛ ولكن الدولتان الفاشستيان وهما إيطاليا وألمانيا لجأتا إلى المطل والتسويف في الرد على هذا المسعى. وكانت المذكرة البريطانية الفرنسية تقترح على الدول ذات الشان أن تبذل مجهوداً مشتركا لوقف التدخل الدولي في شؤون أسبانيا الداخلية، ومنع المعاونات العسكرية عن الفريقين المتحاربين، وترك المسألة الأسبانية يحلها الأسبان فيما بينهم؛ وقد أجابت روسيا وهي التي تؤازر حكومة مدريد على هذا الاقتراح بالقبول؛ ولكن إيطاليا وألمانيا وهما اللتان تؤازران فريق الثوار تمهلتا في الرد حتى تطورت الحوادث الأسبانية على هذا النحو الخطر، واستطاعت ألمانيا أن تمد الثوار بنجدات عسكرية كبيرة؛ وأخيراً قدمت إيطاليا وألمانيا رديهما وهما متحدان في اللهجة والموضوع، وخلاصة رد الدولتين الفاشستيتين هو أنه لا محل لإجراء المفاوضات الدبلوماسية للبحث في هذا المشكل في حين أن هنالك لجنة خاصة للبحث في مسالة عدم التدخل، وأن منع المتطوعين الآن معناه معاونة حكومة مدريد التي تؤازرها قوات بلشفية كبيرة، وأن التبعة في تفاقم التدخل الأجنبي في أسبانيا ترجع إلى إنكلترا وفرنسا لأنهما هما اللتان اعترضتا منذ البداية على اقتراحات ألمانيا في وجوب منع المتطوعين الأجانب؛ وتزيد ألمانيا على ذلك إنها ترى بحث المشكلة كلها لا بحث بعض نواحيها فقط، وإنها تحتفظ بحرية العمل إذا لم تقبل وجهة نظرها
ومن الغريب أن ألمانيا تقرن ردها بإرسال نجدات جديدة إلى أسبانيا، وبإنزال بعض قواتها في مراكش الأسبانية، وإذا كان ظهور الجنود الألمانية في أسبانيا وفي صفوف الجنرال فرانكو قد أثار مخاوف إنكلترا وفرنسا، فان ظهورها في مراكش الأسبانية يضاعف هذه المخاوف ويذكيها، وقد رأينا الوزارة البريطانية تسارع بالاجتماع لبحث المشكلة الأسبانية،