شكا الدكتور زكي مبارك في العدد ٥٥٧ من الرسالة من أني كتبت فيه كلمة مؤذية سبقتها كلمات مؤذيات، وزعم أني أبحث عن فرصة جديدة تؤيد غرامي باتهامه في إسلامه، وأن الباعث على محاربتي إياه ليس هو الدين، ولكن غرامي بأن يقرن اسمي باسم الدكتور زكي مبارك
وتأذى الدكتور زكي مبارك بما كتبت ليس لي فيه من فضل، فالفضل - أو الذنب - فيه راجع كله إلى الدكتور المفضال. فهو الذي لا يفتأ يتعرض للدين بما لا يمكن أن يقره عليه عقل ولا دين، وبما يخالف الكتاب والسنة والإجماع عند المسلمين. يتعرض لا لجزئية من الجزئيات يجوز فيها الخلاف، ولكن للأصول التي يقوم الدين بقيامها، وينهدم بانهدامها، كأصل إعجاز القرآن، وأن القرآن كتاب الله لا كتاب محمد ابن عبد الله
والخصومة التي بيننا ليس منشؤها ما يعتقد الدكتور زكي مبارك، ولكن ما يعلن الدكتور ويدعو إليه. فاعتقاده ودينه أمر بينه وبين ربه، أما ما يعلن ويكتب فأمر بينه وبين الناس. هو حر فيما يرى ويفكر وفيما يعتقد ما اقتصر ذلك على ذات نفسه، أو ظل سراً بينه وبين خلصائه. لكنه يفقد تلك الحرية في اللحظة التي يحاول فيها أن يتخذ من الأدب وسيلة لبث آرائه ومعتقداته بين الناس. إنه في تلك اللحظة يصطدم بما يعتقد الناس، إذا كان ما يعتقد يخالف ما يعتقدون، خصوصاً إذا كان ما يعتقدونه هو الحق وما يدعو إليه هو الباطل. أفيعجب الدكتور عندئذ أن يرتد عليه الاصطدام فيتأذى به كما آذى به الناس؟ أم هو يظن أن الحرية له في الهجوم، وأن ليس لغيره حرية في الدفاع؟
وللدكتور في الخصام حيل كتلك التي تكون في القتال، منها أن يلقي إلى خصومه أقوالاً يرجو أن يشغلهم بها وأن يشكك الناس فيهم. ولا بأس من أن ننخدع له هذه المرة فننظر فيما ألقى
يقول إننا نحاربه لا للدين، ولكن ليكون لاسمنا ذكر مع اسمه الكريم. ولو وجد الدكتور شيئاً غير هذا يقوله لقاله، ولكنه نظر فوجد أننا لا نتخذ الأدب صناعة فيأتينا من ناحية المنافسة،