في أوائل القرن السابع الهجري ذهبت ريح الموحدين من الأندلس، ونشأت دولة بني نصر أو بني الأحمر في بقية الأحداث من الدولة الإسلامية العظيمة - الجنوب الغربي من الجزيرة الكبيرة جزيرة الأندلس. وثبت بنو الأحمر على قراع الخطوب، ونزال الكوارث خمساً وستين ومائتي سنة. ثم ذهبت الصولة ودالت الدولة، وأناخت الوحشة على المعقل الأخير للحضارة الإسلامية
هذا فجر اليوم الرابع من ربيع الأول سنة ٩٨٧، وهذا أبو عبد الله الشقي يسير في خمسين فارساً ليسلم مفاتيح الحمراء إلى فرديناند وايزابلا
وكان المسلمون قد استوثقوا لدينهم وأنفسهم وأموالهم، وأخذوا على الأسبان من الشروط ما شاءوا. وبذل لهم الأسبان من العهود والأيمان ما جعلوه حبالة إلى السيطرة والقتل والسلب والإكراه على التنصر
اشترط المسلمون زهاء ستين شرطاً يكفل لهم الوفاء بها سلامة شاملة، وطمأنينة عامة. واشترطوا أن يقبل شروطهم زعيم النصرانية بابا رومية
وما هو إلا أن ظفر الأسبان بعدوهم حتى استباحوا نقض العهود، والإغراق في العدوان والظلم والنهب والقتل والإكراه على التنصر. فلما استيأس المسلمون ثاروا بعدوهم المرة بعد المرة يؤثرون الموت الوحي على الموت البطيء، وما زال بهم القتل والاستعباد والتشريد والنفي حتى جلا آخرهم عن البلاد عام ١٠١٧ من الهجرة
وقد استصرخ مسلمو الأندلس ملوك المسلمين، فلم يصرخهم أحد إلا خير الدين باشا قائد الأساطيل العثمانية في عهد السلطان سليمان، فقد أمدهم في إحدى ثوراتهم بجند نصروهم على عدوهم ومكنوا لهم الرحيل، فحملت السفن منهم سبعين ألفاً إلى أفريقية
وكان المسلمون أرسلوا وفداً يستغيث السلطان با يزيد الثاني العثماني، وبعثوا بقصيدة بثوا بها شكواهم، وعددوا ما أصابهم في أنفسهم ودينهم. وهي قصيدة طويلة ننشرها اليوم على صفحات الرسالة، معترفين بالفضل للشيخ الجليل العلامة الشيخ خليل الخالدي الذي كتبت في الرسالة عنه مرتين. جمعنا بالشيخ الكريم أحد المجالس في حلوان شهر رمضان