الماضي. فسأله بعض الحاضرين، وهو يفيض في حديثه، عن كتاب عن المدافع كتبه أحد الأندلسيين فحدث عنه وقال: وكانوا يسمون المدافع الأنفاض، وقد قال قائلهم:
وجاءوا بأنفاض عظام كثيرة ... تهدم أسوار البلاد المنيعة
وهذا البيت من قصيدة بعث بها أهل غرناطة إلى السلطان با يزيد. فاستنشدناه ما يحفظ ثلاثة وثلاثين بيتاً وقال: إن القصيدة طويلة تجاوز مائة بيت، وإنها عنده، قد نسخها في مدينة فاس. فسألناه أن يرسلها إلينا حين يعود إلى القدس
وقد أنجز الشيخ حفظه الله وعده، فأرسل القصيدة لتنشر في مجلة (الرسالة). ويتبين من القصيدة أنهم استغاثوا السلطان من قبل فكتب إلى الأسبان فلم يأبهوا لما كتب وأن ملوك مصر أرسلوا رسلاً فادعى الأسبان أن المسلمين تنصروا مختارين، وسلكوا في الزور ما نعهده اليوم في السياسة الأوربية
ولسنا ندري ما كان جواب السلطان با يزيد على هذه الدعوة الملهوفة والقصيدة الباكية. فمن عرف شيئاً في هذا فليخربنا مشكوراً
عبد الوهاب عزام
القصيدة ومقدمتها
ومما كتبه بعض أهل الجزيرة بعد استيلاء الكفر على جميعها للسلطان أبي يزيد خان العثماني رحمه الله ما نصه بعد سطر الافتتاح
(الحضرة العلية، وصل الله سعادتها، وأعلى كلمتها، ومهد أقطارها، وأعز أنصارها، وأذل عداتها. حضرة مولانا، وعمدة ديننا ودنيانا، والسلطان الملك الناصر، ناصر الدنيا والدين، سلطان الإسلام والمسلمين، قامع أعداء الله الكافرين، كهف الإسلام، وناصر دين نبينا محمد عليه السلام، محي العدل، ومنصف المظلوم ممن ظلم، ملك العرب والعجم، والترك والديلم، ظل الله في أرضه، القائم بسنته وفرضه، ملك البرين، وسلطان البحرين، حامي الذمار، وقامع الكفار، مولانا وعمدتنا، وكهفنا وغياثنا، مولانا أبو زيد، لا زال ملكه موفور الأنصار، مقروناً بالانتصار، مخلد المآثر والآثار، مشهور المعالي والفخار، مستأثراً من الحسنات بما يضاعف الله به الأجر الجزيل في الدار الآخرة، والثناء الجميل والنصر في