مركز التاريخ في التربية العقلية والجمالية كبير. فالتاريخ يزيد معلومات الدارس عن الحساة، ويوسع أفق تفكيره، ويرقي بقدرته على الحكم. وفي التاريخ يستطيع الإنسان البحث في أسباب الحركات العظيمة ونتائجها، وفي اتجاهات العالم لو أن حوادث هامة لم تقع. لا ريب في أن طريقة البحث الذاتي وقراءة المصادر الأصلية وتفسيرها ونقدها تثير همة الباحث وتبعث فيه حب الحقيقة والبعد عن التحيز. وفي التاريخ مادة تساعد على تقوية أنواع الذاكرة التي لدى الطالب، ففي رؤية الآثار والصور التاريخية ما يقوي بعض الأنواع البصرية من الذاكرة، والتاريخ يقوي التذكر السمعي إذا كان عند الدارس استعداد طبيعي لتذكر ما يسمع ولتذكر نوع خاص مما سمع. أما من حيث الخيال فللتاريخ قيمة كبيرة في تدريبه وتوسيع مجاله. فالتاريخ القصصي يشبع رغبات صغار القارئين في التخيل والبعد عن عالم الحقيقة الراهنة فيرون فيه أعمال البطولة، ويتلو الحوادث بعضها بعضاً فيذهب بهم الخيال كل مذهب ولكن في حدود الحقيقة. أما في حالة المراهق الذي يشرد به الخيال نتيجة لثورة قوية يهتز لها جسمه وعقله ويرجع الفكر به إلى الماضي البعيد للإنسانية أو يمتد به إلى المستقبل ثم ينقلب به إلى الحياة الحقيقية وهو كليل - يشفى التاريخ فيه هذه الرغبة في الرجوع إلى الماضي ويفسر له النظم الموجودة ويخفف من حدة شرود الفكر. ويجد الباحث والدارس لذة عظيمة في قراءته للتاريخ وتخيله للحوادث. فزيارة للأهرام والآثار حولها، وتخيل فرعون يأمر وينهي وقد عنت له الوجوه. . . كل هذا يستوقف النظر ويثير ويسمو به. ويساعد التاريخ على تذوق الفن والجمال. فهو معرض لنواحي الحياة الإنسانية: فهذا جانب السياسة، وهذا جانب الاجتماع، وهذا جانب العلم والأدب. هذه ناحية إرضاء الشهوات، وهذه ناحية إرضاء الروح. هذه هي آثار المصري، هذه مسلاته ومعابده. هذه هي آثار الفن على حياة الإغريقي. . . هذا هو الأدب الذي فاضت به النفس البشرية. ما الشعور الذي يغلب على النفس حينما فاضت به النفس البشرية. ما الشعور الذي يغلب على النفس حينما يزور الإنسان هيكلاً من الهياكل أو معبداً