للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إسعاف النشاشيبي]

للأستاذ داود حمدان

ودعا أيها الحفيان ذاك الشخ ... ص إن الوداع أيسر زاد

واغسلاه بالدمع إن كان طهراً ... وادفناه بين الحشى والفؤاد

واحبواه الأكفان من ورق المصح ... ف كبراً عن أنفس الأبراد

واتبعوا النعش بالقراءة والتس ... بيح لا بالنحيب والتعداد

إي والله هذا مقامك يا أديب العرب، وواحد الدهر، ويا حبيب المصحف، وعاشق لغة القرآن، ويا خليل محمد وخلصان دينه.

وإنه لقليل عليك أن تغسل بالدمع الطهور، وتدفن بين الحشى والفؤاد، ولكن. . . من أين لنا الدمع وقد جف من هول المصيبة، وتمزق الحشى وذاب الفؤاد من شدة الحزن وحرارة الأسى. . .

أي أديب العرب! إنك لتجل عن أن يقول مثلي رثاءك، ولن يقول رثاءك الحق إلا من يقول مثل هذه الأبيات، أو من يقول مثل قولك في شوقي وهنانو، وهيهات. . . وما هذه الكلمة إلا وفاء لحق لزم، وتنفيس لحزن أقام ولا إخاله يريم، لتعذر العزاء عنك بسواك، ومن سواك يسد مسدك ويغني غناءك؟ وهل تعود الدهر الجود بالأفذاذ؟ أنت لم يأت نظيرك من ألف سنة. . . فإن كانت هذه سنة الدهر، فيا طول ما ينتظر المنتظرون!

إن العربية ستؤرخ ابتداء فقرها من هذا النمط المجيد بارتفاع روحك الطاهرة إلى الرفيق الأعلى.

أي إسعاف، لقد كنت والله إسعافاً بكل ما في هذه الكلمة من معنى: لقد أسعفت اللغة فقالت بلسان المرحوم أمير البيان: (قد أحسن الله إسعاف بإسفاف)، وأسعفت الدين (بالإسلام الصحيح) مما يفتري عليه المفترون ويطعن في مساواته الطاعنون، وأسعفت الأخلاق الكريمة فتمثلت بك بشراً سوياً لا يعرف الكذب قط ولا يستطيعه، ولا الغش، ولا الرياء، ولا الجبن، ولا البخل، ولا القسوة، ولا الكبر، بل كأنما خلقت من الصدق والصراحة والجرأة والكرم والرحمة والتواضع، وكيف لا تكون كذلك وإمامك محمد وطريقتك القرآن؟ وأسعفت الفقراء والمحتاجين والغارمين، فكم من فقير أعطيت، ومحتاج أغنيت، وغارم

<<  <  ج:
ص:  >  >>