انتهى عصر الخلافة بسقوط بغداد عام ١٢٥٨ في يد المغول الرحل الذين كانوا تحت زعامة هولاكو. وما كادوا يتقدمون إلى الأمام حتى صدهم المماليك المصريون وردوهم على أعقابهم إلى فارس التي اعتنقوا فيها الإسلام بعد زهاء خمسين عاماً، أما الخانات خلفاء هولاكو فقد حكموا في فارس.
ثم أغار على آسيا الغربية فريق من البرابرة بقيادة تيمور واندفعوا كالأتي المزبد، ونشروا الفساد والفوضى في ربوعها (١٣٨٠ - ١٤٠٥ م) وإذ ذاك تفككت رابطة الإسلام من الناحية السياسية. وفي هذه الفوضى الضاربة بأجرانها نشأت ثلاث إمبراطوريات إسلامية. ففي سنة ١٣٥٨ عبر الأتراك العثمانيون البسفور ودخلوا القسطنطينية عام ١٤٥٣، حتى إذا كان عام ١٥١٧ دخلت في حوزتهم سورية ومصر وبلاد العرب وأصبحت فارس مملكة مستقلة تحت حكم الصفويين (١٥٠٢ - ١٧٣٦) بينما أسس بابر وهو من ولد تيمور - إمبراطورية التتار العظمة والهند، وظلت قوية الشوكة تحت خلفائه وخاصة أكبر وأورنجزيت (١٥٢٥ - ١٧٠٧).
أما الحوادث السياسية التي أجملناها آنفاً فسنعالجها بالتفصيل في صلب هذا الكتاب؛ على حين أن غيرها لن يكون نصيبه منا سوى الإشارة الموجزة والنظرة العابرة. ولما كانت الآراء التي انتشرت في الأدب العربي شديدة الارتباط بتاريخ الناس ولا سبيل إلى فهمها بعيدا عن الحوادث الخارجية التي نشأت فيها، فقد وجدت نفسي مضطراً إلى الإسهاب في بعض النواحي التاريخية حتى يتبين القارئ الحقائق المهمة من وجهة نظرنا الخاصة. كما سيرى أن ليس من إطناب في الكلام عن العصور المتقدمة السابقة (٥٠٠ - ٧٥٠م) خاصة إذا علم أن هذه تعد محور التاريخ العربي ومركزه. وقد بلغت الحضارة الإسلامية أقصى