قرأت من أسابيع حديث الدكتور زكي مبارك الأسبوعي في صفحة جريدة (البلاغ) الأدبية، فوجدته يفتتح الحديث بالبرد وخوفه منه، وشدة هلعه من آثاره في جسمه، ثم ختم الحديث - حديث البرد - بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في البرد: اتقوا البرد، فإنه قتل أخاكم أبا الدرداء.
ويغلب على الظن - بل أكاد أكون جازماً - أن تلك القولة إنما هي سجعة سجع بها بعض المتفاصحين فإن أبا الدرداء - واسمه عويمر بن مالك الأنصاري الخزرجي - لم يمت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يخبر الرسول عن وفاته بسبب الرد أو غير البرد من أسباب الموت المتعددة، بل عاش إلى ما بعد ذلك بأمد طويل، فقد عاش إلى سنة ٢ من الهجرة حيث توفى في الشام وقد ولاه معاوية قضاء دمشق بأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أبي الدرداء هذا عويمر حكيم أمتي. وفي حديث آخر عن رسول الله صلى عليه وسلم: نعم الغازي عويمر. وكان أبو الدرداء رضي الله عنه تاجراً من كبار تجار المدينة قبل الإسلام، وصار بعد أن أسلم من نساك الفرسان، وشجعان النساك. عليه رضوان الله.
(حلوان)
برهان الدين الداغستاني
١ - طريق الهجرة النبوية:
كنت استدركت على الأستاذ الحمصاني بعض مواضع مر بها النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته، معتمداً على (عيون الأثر في فنون المغازي والسير) لابن سيد الناس - طبعة مصر - و (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ الهيثمي) - طبعة مصر - مما لم يذكره الأستاذ محمود الحمصاني في (خريطة الهجرة النبوية) وقد زارني عالم أديب نجدي فاطلع على هذه الخريطة وعلق عليها بما يأتي - وأهل مكة أدرى بشعابها -: