مضى الرافعي في قرض الشعر، معنياً به، متصرفاً في فنونه، ذاهباً فيه مذاهبه، إلى جانب عنايته بالتأليف والكتابة، وانكبابه على العلم والتحصيل، فوضع في سنة ١٩١١ كتابه (تاريخ آداب العرب)، وحسبك به من كتاب أن يقضي الأستاذ الكبير أحمد لطفي السيد بك أسبوعاً يخطب عنه في مجالس العاصمة وقد كتب عنه الأمير شكيب أرسلان - وهو أشهر كتاب العربية في ذلك الوقت - مقالة في صدر (المؤيد) جاء فيها: (لو كان هذا الكتاب في بيت حرام إخراجه للناس منه، لكان جديراً بأن يحج إليه؛ ولو عكف على غير كتاب الله في نواشئ الأسحار، لكان جديراً بأن يعكف عليه. . .)
وقال عنه المقتطف:(إنه كتاب السنة. . .) وما كتب المقتطف مثل هذه الكلمة من قبل ومن بعد لغير هذا الكتاب
ومن يقرأ كتاب الرافعي (تاريخ آداب العرب) يعرفه عالماً عميق البحث، مرتب الفكر، واسع المعرفة؛ إلى جانب معرفته به شاعراً عربي الديباجة، مشرق المعنى، مشبوب العاطفة؛ على أنه كان يومئذ لم يجاوز الثلاثين. . .
ثم ألف الرافعي (كتاب المساكين) الذي يقول عنه فقيد العربية العلامة أحمد زكي باشا: (لقد جعلت لنا شكسبير كما للإنجليز شكسبير، وجوته كما للألمان جوته، وهوجو كما للفرنسيين هوجو.)
وتألق نجم الرافعي الشاعر العالم الأديب، وبرز اسمه بين عشرات الأسماء من أدباء عصره براقاً تلتمع أضواؤه وترمي أشعتها إلى بعيد؛ على أن هذه المنزلة الكريمة التي نالها الرافعي بين الكتاب إلى جانب منزلته في الشعر - لم تكن غريبة؛ فقد حدثني أديب فاضل كانت له صلة بالعلامة الشيخ إبراهيم اليازجي: أن الرافعي لما طبع الجزء الأول