للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أفراح الحياة وآلامها]

للأستاذ عباس محمود العقاد

تلقيت من بغداد رسالة لصاحب التوقيع الفاضل جاء فيها: (. . . بينما كنت اقلب هذا السفر الحليل - يسألونك - وجدتني اقف أمام جملة في تعقيبكم على كتاب - مع أبي العلاء في سجنه - وهي:

(. . . ما زلت اعقد وازداد مع الأيام اعتقاداً أن بغض الحياة اسهل من حب الحياة، وان الأدوات النفسية التي نلمس بها آلام الحياة اعم وأشيع واقرب غوراً من أدوات النفس لتي نلمس بها أفراح الحياة العليا ومحاسنها الكبرى فالفرح اعمق من الحزن في رأيي ولا مراء. أما الفرح فهو القدرة والانتصار)

فهلا تفضل سيدي بشرح هذه العبارة. . . الخ.

الكاظمية

جعفر آل ياسين

والموضوع يستحق التفصيل؛ لأننا في الشرق لا نزال قادرين على الحزن عاجزين عن الفرح أو قادرين على التشاؤم عاجزين عن التفاؤل. وربما كن فرضاً اقرب إلى السلوب منه إلى الثبوت. فكثير من أفراحنا ناشئ من قلة الفكر وقلة المبالاة، وقليل منها ناشئ من فهم أسباب الكمال ومعارض الجمال في هذه الحياة.

والألم اسهل من السرور لأن أدوات الألم ميسرة للطفل والجاهل مقصورة على الإنسان.

وأدوات الألم هي الحواس الجسدية، وهي كافية لإشعار صاحبها بجميع المؤلمات والأوجاع التي يشتمل عليها عالم الحس المتسع لجميع الأحياء، ومنها الإنسان.

كل حي يستطيع أن يشعر بشوكة الوردة. لأن الشعور بها لا يحتاج إلى اكثر من جلد وأعصاب.

ولكن الجلد والأعصاب لا تكفي للشعور بجمال الوردة ونضرتها ومعاني الصباحة والحسن التي تتراءى بها للعيون والأذواق، وتتمثل بها فبعالم الخيال.

وكل حي يستطيع أن يرى ظواهر الأشياء ويسمع ظواهر الأصوات فإذا دخل هذا الحي

<<  <  ج:
ص:  >  >>