هنالك جسور ثلاثة اجتازت عليها المدنية العربية بعناصرها الأدبية والعلمية والفلسفية والفنية من الشرق العربي إلى الغرب الأوربي: وهي سورية في العهد الصليبي (١٠٩٨ - حوالي ١٣٠٠) وصقلية في عهد الأغلبيين (٨٣١ - ١٠٩١) ثم النور منديين، وإسبانيا في عهد الإسلام. والذي نعنيه بالأدب العربي ما أنتجته بالأكثر قرائح الشعوب السورية واللبنانية والعراقية والفارسية وتضمنته اللغة العربية. وأهم هذه الجسور إسبانيا التي أقام العرب فيها نحو ثمانية قرون (٧١١ - ١٤٩٢) ومن مدنها طليطلة التي أصبحت في القرن الثاني عشر مركزاً هاما للترجمة من العربية بفضل رئيس الأساقفة ريموند. وعقب طليطلة كاستيل وليون برعاية الملك ألفونسو الحكيم (١٢٥٣ - ٤) الذي أولع ولعاً خاصا بالأدب العربي. حتى بعد أن طرد الأسبان العرب من البلاد بقي المورسكو لمدة طويلة يكتبون الإسبانية بأحرف عربية وينشئون الأدب المعروف بالأب الأعجمي
أهم مادة في الأدب العربي إنما هي المادة الدينية. نعم إن القرآن الكريم ترجم إلى اللاتينية (١١٤١) ومنها إلى الفرنسية ومن هذه إلى الإنكليزية (١٦٤٩) ولكنه لم يكن له أثر بين في الأدب الغربي لما اتصف به أبناء الغرب من التعصب الديني ضد الإسلام. ولعل من أهم أثر هو قصة (المعراج والإسراء) المشار إليها في القرآن من طرف خفي (سور ١: ١٧) والتي توسع في شرحها والإضافة إليها القصاص وأصبحت مثلا تحداه الشاعر الإيطالي الخالد دانتي في ملحتمه (الكوميديا الإلهية). والظاهر أن دانتي تأثر بكتابات الشاعر الفيلسوف السوري المعري (توفي ١٠٧٥) والشاعر العربي الصوفي الأسباني أبن عربي (توفي ١٢٤٠).