ولعل المقامات التي أنشأها بديع الزمان الهمداني (توفي ١٠٠٨) وتبعه فيها الحريري وغيرها أغنى كنز أدبي بعد القرآن. وبفضل العرب الأسبان دخل هذا الطراز من الأساليب الأدبية الجديدة إلى أوربا الغربية فقلده الكتبة الأسبان والطليان ولا سيما في القصص المسماة فيجارو وكانت أول قصة إسبانية من هذا النوع وفيها ما يماثل القصص جحا.
أتخذ الشعر العربي في إسبانيا ميزة جديدة قوامها وصف الطبيعة والتغني بجمالها. ومن هذا القبيل بعض أشعار عبد الرحمن الداخل (٧٥٥ - ٨٨) وابن زيدون (توفي ١٠٧١)؟
ومن المواضيع الجديدة التي عنى بها الشعر العربي الأسباني الهوى العذري الذي يرافق المجتمع المتصف بانعزال الحريم وتحجب النساء. فنسج على منوال هذا الأسلوب الجديد شعراء مسيحيون في إسبانيا وفي أوائل القرن الحادي عشر انتقل هذا الأسلوب إلى جنوبي فرنسا وظهرت آثاره في أدب
وهناك ضرب من الشعر القومي أنشده الشعراء العاميون من مسلمي إسبانيا بداهة مما يذكرها بأناشيد القوالين اللبنانيين المعاصرين. وكان من أهم أنواعه الزجل والموشح اللذان نسج على منوالهما شعراء إسبانيا والبرتغال، ومن إيبيريا سار هذا الأسلوب إلى فرنسا. وكان المنشدون الجوالون المدعوون تروبادور من جملته. ومن أول شعراء الزجل وأعظمهم ابن قزمان القرطبي (توفي ١١٦٠). ومجموعة الأناشيد التي جمعها ألفونسو الحكيم تحت عنوان والمحسوبة من أطرف المجموعة الشعرية في القرون المتوسطة إنما أوزانها من نوعي الزجل والموشح. وكذلك الأغاني المسيحية المعروفة ب من هذا الطراز. وكان المستعربون من أهم نقلة هذا الشعر.
ومعظم الأدب العربي من النوع القصصي ومن أبكر أمثلته (كليلة ودمنة) المترجمة عن السنسكريتية. هذه المجموعة العربية ترجمها ألفونسو فكانت من أول الكتب النثرية بالأسبانية ومن أول الكتب القصصية في هذه اللغة، وبعد القرن الثالث عشر أخذ الكتبة الأسبان والبرتغاليون ينسجون على منوالها، وتبعهم الكتبة الفرنسيون. ومما حبب الأسلوب القصصي العربي إلى أبناء الغرب ألوانه الزاهية وخياله الفني وتضمنه أمثولات أخلاقية لمنفعة السامع والمطالع، ويدخل في هذا الباب (مختار الحكم) الذي وضعه الأمير السوري مبشر ابن فاتك زهاء حوالي ١٠٥٣ والذي ترجم إلى الإسبانية بعنوان وطبع بالإنكليزية