كتب أديب فاضل في جريدة (الأهرام) مقالاً عن المغفور له حفني ناصف بك بمناسبة ذكرى وفاته، وقد اقترح على الحكومة أن تهتم بإنشاء مدفن فخم تضم فيه رفات أولئك العبقريين تخليداً لذكرهم واعترافاً بفضلهم وتذكيراً للأبناء بما أسدوا وأجدوا في خدمة أوطانهم.
وليس هذا الاقتراح بالجديد، فقد ردده كثيرون من قبل، على أن الرجاء في تحقيقه ضئيل بل معدوم، لأننا أمة نعيش على مبدأ (مات الميت فليحيى الحي) وليس من شيمتنا تقدير الفضل لذاته، ولا الاعتراف بالجميل لأصحابه حتى ولو كان أصحاب هذا الجميل هم أبناؤنا وأساتذتنا وأعز الناس على نفوسنا. ولهذا طوى كثير من رجالنا الكبار في مطاوي النسيان، وأصبحوا - بعد أن ملأوا الدنيا بأعمالهم - في خبر كان. . .
حنفي ناصف ومحمد سلطان ومحمد المهدي ومحمد الخضري وعبد الوهاب النجار وعبد العزيز جاويش وغيرهم من الطلائع الذين تخرجوا في دار العلوم لا يعلم عنهم أبناء دار العلم شيئاً، ولا يحسون أثراً من فضلهم وعلمهم، ولا يقفون على شيء من ذكرهم وخبرهم!
ومحمد عبده وأبو خطوة والمرصفي والعباسي وعلي يوسف، وعشرات من إخوانهم الذين تخرجوا في الأزهر لا يعرف عنهم أبناء الأزهر شيئاً ولا يحسون أثراً من فضلهم وعلمهم ولا يقفون على شيء من ذكرهم وخبرهم!!
وأمين الرافعي وسيد كامل ومحمد مسعود وعبد القادر حمزة وتوفيق فرغلي، وعشرات الصحفيين من إخوانهم لا يعلم عنهم أبناء الصحافة اليوم شيئاً ولا يحسون أثراً من فضلهم وعلمهم، وللصحفيين ناد يجتمعون فيه ولكنك مع الأسف لا تجد فيه صورة واحدة من صور أولئك الصحفيين الذين أيقظوا وجدان الأمة وبثوا كيان الشعب.
ومن منا يذكر أحمد زكي تيمور وتوفيق العدل والنجاري والفلكي وسواهم من الأعلام الأفذاذ عليهم رضوان الله أجمعين.
وآسفاه! كأننا جيل خلق بدون آباه وتربى من غير أساتذة فلا تقل يا سيدي مقبرة للأدباء، ولكن قل لعل الأبناء أن يذكروا الآباء.