بمناسبة المحاضرات التي ألقاها أخيراً المستشرق الفرنسي ليبقى بروفنسيال بجامعة فاروق الأول عن الشعر العربي في الأندلس أذكر أن الشاعر الأسباني (فرنسيسكو فيجاسباتسا) ألقي محاضرة منذ عشرين عاماً في مدينة (بيونس أيرس) أشاد فيها بأخلاق الشعب العربي في الأندلس وأطري سجاياه النبيلة وما فطر عليه في الفصاحة والسليقة الشعرية ثم قال (وإن هذه السليقة الشعرية لتكاد تكون ملموسة بنغماتها فيه ومعانيها في الشعر الشعبي الذي تعبر به الأمة الأسبانية عن مشاعرها الحقيقة، وقد انتقلت هذه الروح العربية من إسبانيا إلى أمريكا اللاتينية بواسطة هذا الشعر الشعبي الذي حمله إليها الأسبانيون ولا سيما المهاجرون من الأندلس الذين كانوا في طليعة المستعمرين لأمريكا الجنوبية!!
هذا ما شهد به مفكر كبير من أبناء إسبانيا، ولست أدري رأى المستشرق بروفنسيال في هذه الحقيقة، ولعله يكون قد عرض لها في حديثه عن تأثير الشعر الأندلسي في أوروبا.
التأثير الديني:
لاحظ القائمون بأمر المسرح الشعبي في وزارة الشئون الاجتماعية أن الناحية الدينية هي أقوى مؤثر على عواطف الجماهير واجتذاب مشاعرهم، ولهذا يفكر المشرفون على هذا المسرح في استغلال هذه الناحية على أوسع مدى فيما يقدمون إلى أبناء الريف من المشاهد والتمثيليات.
وهذا في الواقع أمر مفهوم، فإن الشعب المصري شعب متدين بالفطرة، وهو أقدم شعوب الأرض اتجاهاً إلى الله، ولا يزال للنغم الديني في الشرق عامة سحره ولذته، وإن من الواجب أن تقوم دعاياتنا الاجتماعية على ما يتجاوب مع عواطف الشعب وينسجم مع روحه ومشاعره، ولا يمكن أن تفيد تلك الدعاية وتؤتى ثمرها إذا جرينا فيها على التقليد للغرب واقتباس العواطف الغريبة عنا، وما دامت وزارة الشئون الاجتماعية قد لمست هذا بالتجربة فلعلها تتجه ذلك الاتجاه، بأن تتبين نفسية البيئات الشعبية وتتلمس الأوتار الحساسة في عواطف الجماهير وميولهم فتضرب عليها وتأخذهم إلى الإصلاح من طريقها.