مضت إلى اليوم تسعة اشهر مذ نشبت الحرب الأهلية الإسبانية في أواخر يوليه الماضي، وما زالت على اضطرامها، ونستطيع بعد الذي شهدناه من تطور الحوادث خلال هذه الفترة أن نقول إن هذه المعركة الطاحنة التي تخضب ارض إسبانيا بالدماء وتبسط في جنباتها أعلام الدمار والويل، لم تسفر حتى اليوم عن نتيجة حاسمة؛ بل لا نبالغ إذا قلنا أنها ما زالت حيثما بدأت من حيث أوضاعها الداخلية؛ فالجبهة الثائرة ما زالت تجاهد جهاد اليأس لتنتزع ما تستطيع انتزاعه من المدن والأراضي؛ وجبهة الحكومة أو الجبهة الجمهورية ما زالت تصمد في معظم الميادين وترد هجمات الثائرين؛ وقد أحرزت في الأسابيع الأخيرة نجاحا يذكر في المعارك الني دارت حول مدريد، ولا سيما في وادي الحجارة (جوادي لاجارا) كما أحرزت بعض النجاح في الشمال حول اوفيدو، وفي الجنوب في بسائط قرطبة وغرناطة. وقد لاح مدى حين حينما استولى الثوار على مالقة في أوائل شهر فبراير بمؤازرة الفرق الإيطالية في البر، والمدرعات الإيطالية والألمانية في البحر، إن الجبهة الثائرة تسير إلى نصر سريع محقق، وان الجبهة الجمهورية قد أضحت على وشك الانهيار والتحطم؛ وكان سقوط مالقة في الواقع تعويضا للثوار عما لحقهم أمام مدريد من فشل مستمر؛ وكان المظنون أن الثوار سيتابعون زحفهم إلى المرية ثم إلى بلنسية حيث تقوم الحكومة الجمهورية؛ ولكن سقوط مالقة أذكى في الجمهورية شعور الخطر وأذكى فيها روح النضال، فضاعفت جهودها، واستطاعت أن ترد خطر الثوار في الجنوب؛ واغتر الثوار بظفرهم في مالقة فدبروا مع حلفائهم الإيطاليين هجومهم الجديد على مدريد، واضطرمت حول العاصمة الإسبانية سلسلة جديدة من المعارك الطاحنة، ولكنها أسفرت عي تلك المرة كما أسفرت في كل المرات السابقة عن فشل الثوار الذريع، بل أسفرت فوق ذلك عن إحراز القوات الجمهورية لسلسلة من الانتصارات الباهرة في جبهة وادي الحجارة وفي آفيلا، وعن تمزيق الثوار وحلفائهم الإيطاليين، وردهم بعيدا عن حدود العاصمة وعن طريق مدريد - بلنسية الذي يحاولون احتلاله لقطع العاصمة عن باقي إسبانيا.