للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد كان لهذا التطور الجديد في مصاير الحرب الأهلية الإسبانية أثر عميق في الموقف الدولي، فقد كشفت الحوادث والمعارك الأخيرة عن مبلغ تدخل إيطاليا في الحرب الإسبانية وعن ضخامة الدور الذي تقوم به إلى جانب الثوار، وبالأخص عما ارتكبته من المخالفات الصريحة لاتفاق عدم التدخل إذ تبين أنها أرسلت إلى إسبانيا عدة فرق عسكرية كاملة في أوائل شهر مارس، اعني بعد أن عقد ميثاق عدم التدخل في لندن وتعهدت جميع الدول الموقعة عليه ومنها إيطاليا بان تكف عن تدخلها في الحرب الإسبانية، وان تقطع عن الفريقين المتحاربين كل معاونة عسكرية، وتبين إن معظم القوى التي قامت بالهجوم الأخير على مدريد كانت مؤلفة من الإيطاليين وانه يوجد الآن في إسبانيا إلى جانب الثوار نحو خمسين ألف جندي إيطالي؛ وقد كشفت السياسة الإيطالية عن مبلغ تمسكها بهذا التدخل وتصميمها على معاونة الثوار على تحقيق الغرض الذي ترمي إليه، وهو إقامة حكومة عسكرية فاشستية في إسبانيا تكون خاضعة للنفوذ الإيطالي؛ وقد قررت إيطاليا في لجنة عدم التدخل، على يد سفيرها في لندن، أنها ترفض سحب جنودها في إسبانيا وصرحت صحافتها الشبيهة بالرسمية، بان الجنود الإيطالية لن تغادر إسبانيا حتى الظفر النهائي لزعيم الثورة الجنرال فرانكو، وأن إيطاليا لن تسمح بأي حال أن تقوم في إسبانيا حكومة بلشفية، وهو الوصف الذي تطلقه على حكومة إسبانيا الشعبية الجمهورية. ولنلاحظ أن إيطاليا تقف هذا الموقف العنيف غداة هزيمة جنودها أمام مدريد، وهي الهزيمة الذريعة التي كدرت على موسوليني صفو رحلته الرنانة في طرابلس، وحملته على العودة إلى رومه قبل أن يتم برنامجه.

وهذا الموقف الذي تقفه إيطاليا من المسألة الإسبانية يثير في لندن وباريس مخاوف كثيرة؛ وقد كان موقف ألمانيا إزاء هذه المسألة من قبل يثير مثل هذه المخاوف، ولكن ألمانيا تقف في معاونتها للثوار عند الحد الذي بلغته قبل عقد اتفاق عدم التدخل. ولا تريد الآن على ما يظهر أن تتوسع في تدخلها بعد أن رأت فشل سياستها في المسألة الإسبانية؛ أما إيطاليا فإنها تثير بموقفها صعاباً جمة في سبيل تطبيع سياسة عدم التدخل التي ترى لندن وباريس أنها خير وسيلة لحصر أخطار الحرب الإسبانية وصون السلام الأوربي من شررها المتطاير. وهنا تبدو الصبغة الدولية للحرب الأهلية الإسبانية وهي الصبغة التي نوهنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>